Okaz

كاميرا نسيت القبلة

-

منذ أن ظهر الـداعـيـة عـمـرو خـالـد قلت إن الـرجـل يحمل طريقة لترقيق القلوب من خالل املسكنة وإظهار الضعف السلبي، وهما خصلتان أجادهما لجذب الجمهور ونجح (مرحليا) كطريقة جديدة في الدعوة فتحلق الناس حول الشاشة ملشاهدته وألنه ممثل بارع اجتاز عقول الكثيرين وإقناعهم بأنه رجل املرحلة وأنه ال يريد علوا في األرض وال ماال، وأن دعوته متطورة عصرية الستعادة الخراف الـضـالـة (وفـــق التعبير الــكــنــ­ســي).. وكــعــادة تــجــار الدين يسلكون طرقا تجارية ملتوية وإن بــدأت طبيعية فيتم التفاف الناس حول هذا الداعية، وبن يوم وليلة يصبح هذا الداعية أو ذاك وكأنه نبى منزل ال يأتيه الباطل مطلقا أو كــأنــه أحــد الـصـحـابـ­ة الــذيــن جـــاؤوا إلــى زمـنـنـا نجدة إلظـهـار الفاسد الفاسق املنافق، فأشعلوا البلد تقسيما وتصنيفا، وســعــوا إلــى تـرسـيـخ قـنـاعـة لــدى الــنــاس بأن عملهم قائم على هداية الناس من الضالل، بينما ما كان يـحـدث خلف الــصــورة هـو ضـخ مـاليـن الــريــاا­لت لهؤالء الـدعـاة بنوايا خيرية تدعم أنشطة مختلفة تصب فيها مالين الـريـاالت وألن القاعدة ال تجرم أخـذ هـذه األموال فــأفــتــ­وا أنـــه ال ضــيــر مــن أن يــــذوق طــبــاخ الــســم طبخته، فتسممت الذمم وسمموا حياتنا وتفرغوا لجمع املالين لتعبئة خزائنهم (وهنا اتحدى أي قـارئ أن يشير لي أن داعـيـة مـن الــدعــاة املشهورين يشكو الـحـاجـة.. هــذا إذ لم تصبنا الصدمة العظيمة من امتالء أرصدتهم بما يكفى أحفاد أحفادهم). وألن لــهــم (تــجــار الـــديـــ­ن) فــي كــل مــكــان زفـــة أجـــد نفسي أتكلم اليوم عن عمنا عمرو خالد الذي تورط مع اإلخوان وبفطنته ودهائه استشعر أن مركب اإلخوان سيغرق فقفز إلى املاء وأخذ يسبح للشاطئ اآلمن.. واليزال يسبح كي ال نطلق عليه تهمة اإلرهابي اإلخواني العتيد. ولكون الواعظ عمرو خالد هو أحد املمثلن البارعن في الوعظ قد وجد في الوعظ رزقا يصب عليه األموال صبا من خالل خطبه الوعظية التي تحولت إلى ماركة مسجلة تجنح إلى التباكى واالستبكاء الغثيث لجأ إليه لكي يكون خطابه الوعظي مؤثرا ليس في الناس فقط وإنما عند أصحاب القنوات، وإذا كان له قناة فمن أجل املشاهدين وأعـــداده­ـــم الــتــي تجلب املـعـلـنـ­ن، وألن أدوات التواصل االجــتــم­ــاعــي وســيــلــ­ة إعــالمــي­ــة إعــالنــي­ــة تـــحـــول الوعاظ الباحثون عما تدر عليهم ألسنتهم من غلة، تحولوا إلى جامعي املـريـديـ­ن ومـشـتـري األتــبــا­ع مــن أجــل أن يكتسب كل منهم القوة اإلعالنية.. كما تحولت جل العبادات إلى أوكازيون تباع فيه كل موعظة مع تسعيرتها! فـــتـــم اســـتـــغ­ـــالل كــــل أفــــعـــ­ـال الـــخـــي­ـــر وتـــصـــو­يـــرهـــا وبثها للمشاهدين أن فالنا يتعبد الله بهذا الفعل أو ذاك. والفنان عمرو خالد بث مشهدا (لينشر لـدى متابعيه)، وكان املشهد يدعو للرثاء ويؤكد أن دعوة البكاء والتباكي لم تعد وسيلة إقناع أو جذب، فالواعظ عمرو خالد استدبر القبلة وتـوجـه للكاميرا بخضوع مفتعل وأخــذ يتباكى ويــدعــو الــلــه ويــصــر عــلــى مـتـابـعـي­ـه بــإلــحــ­اح فــي الدعاء بينما واقـع حال عمنا عمرو إصــراره في بث رسالة غير مقنعة وغير صادقة (على األقل من خالل تعبيرات وجهه املـكـشـوف­ـة) وقــد فــات عـلـى هــذا الـداعـيـة (الـبـائـع املشتري بآيات الله) أن من شـروط إجابة الدعاء استقبال القبلة.. وألنـهـا تـجـارة فـال ضير مـن استقبال أي شــيء يــدر املال والجاه والسلطة حتى ولو كانت كاميرا.. نسيت القبلة!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia