Okaz

حتى ال نفقد أسلحتنا اإلستراتيج­ية!

-

لـسـنـوات عــديــدة وقــف اإلعـــالم الـوطـنـي التقليدي من «قــنــوات تلفزيونية وصـحـف ورقــيــة» ســـورًا حصينا لحماية الوطن وسالحًا فائق القدرة على دحر هجمات األعــداء اإلعالمية ودعايتهم التي تستهدف الـشـارع السعودي، حتى مع االنفجار املعلوماتي الـذي صاحب ثـورة اإلنترنت ظلت الصحف السعودية رائــدة في ممارسة دورهــا الوطني عبر منصاتها الرقمية بشكل تفوقت فيه على منصات إعالمية عصرية تمول بمبالغ ضخمة دون أن تتحمل ذات العبء الذي تتحمله الصحف السعودية من رواتب موظفن وأجور طباعة وتوزيع وصيانة مبان وغير ذلك من مصروفات مرهقة ال يمكن التخلص منها في لحظة واحدة إال بتسريح املوظفن وإشهار اإلفالس، وهو أمر بات يهدد كثيرا من الصحف اليوم في ظل تراجع سوق اإلعالن الذي يعد أهم مصدر إليـرادات هذه الصحف، إن لم يكن املصدر الوحيد لدى بعضها. في منتصف عام م2008 عندما ضربت األزمة املالية الواليات املتحدة األمريكية، اضطرت الحكومة إلى التخلي عن سياساتها االقتصادية املتعلقة بـشـعـارات الرأسمالية الـتـي قــام عليها نظامها، ورمــت بكل ثقلها إلنقاذ املؤسسات والشركات األمريكية من االنهيار في تدخل هو األضخم من نوعه، إذ أصدرت واشنطن قرارا بضمان 30 مليار دوالر من الديون املعدومة لبنك «بير ستيرنز»، وملنع انهيار السوق العقارية تدخلت أيضا إلنقاذ شركتي «فاني ماي» و«فريدي ماك»، وهما أكبر شركتن لإلقراض العقاري، وفي أكتوبر من نفس العام أقر الكونجرس خـطـة إلنــفــاق 700 مـلـيـار دوالر ملــواجــه­ــة األزمــــة فــي ســـوق القروض العقارية الثانوية، واشترت وزارة الخزانة األمريكية الكثير من الديون السيئة، مما أسهم في ضخ سيولة كبيرة في شراين املؤسسات املالية وحماها من االنهيار قبل أن تعود األســواق إلى االنتعاش وتتالشى تدريجيا آثار األزمة ابتداء من مارس عام .م2009 وفـــي دول أوروبـــــ­ـا لــم يــكــن األمــــر أفــضــل مــن الـــواليـ­ــات املــتــحـ­ـدة، فقد وضـعـت حـكـومـة أملـانـيـا خـطـة إنــقــاذ مـالـي بقيمة 500 مـلـيـار يورو، وتبعتها فرنسا بخطة بقيمة 350 مليارا، أما إسبانيا فوضعت خطة إنقاذ بقيمة 100 مليار يورو وتم تخصيص أغلب هذه املبالغ لدعم املؤسسات والشركات الكبرى لتفادي االنهيار املالي. كـل مـا سبق يؤكد أهمية تدخل الـدولـة بشكل مباشر أو غير مباشر إلنــقــاذ مـؤسـسـاتـ­هـا عــنــد األزمـــــ­ـات، وفـــي حــالــة الــصــحــ­افــة السعودية الـعـريـقـ­ة الــتــي تضربها اآلن أزمـــة تــراجــع اإلعــــال­ن، ينبغي بــرأيــي أن تتخذ الـدولـة خطوة عالجية طارئة تتمثل في إجبار كافة الشركات واملؤسسات املتعاقدة مع الحكومة على صرف نسبة معينة من قيمة كل عقد ومشروع على اإلعـالن في الصحف السعودية الورقية، وهذا حل وسط ويغني الدولة عن التدخل املباشر بدعم مالي لهذه الصحف التي هي في نهاية املطاف سالح وطني إستراتيجي ال يمكن املقامرة بمصيره.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia