ﺩﻋﺎ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ
وفـي ختام امللتقى رفـع املشاركون شكرهم لخادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز، ولولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على ما يسر الله على أيديهما من خدمات إسامية جليلة للحرمني الشريفني وقاصديهما. وأشـاد البيان في ذلك السياق بالرعاية والهتمام والخدمات املميزة التي تقدمها اململكة لحجاج بيت الله الحرام من جميع قطاعات الدولة، األمر الذي سهل على ضيوف الرحمن أداء نسكهم في أجــواء عامرة باألمن واإليمان والسكينة والطمئنان واليسر والسهولة، سائلني الله تعالى أن يديم على اململكة، وقـيـادتـهـا الـرشـيـدة خـدمـة الـحـرمـني الـشـريـفـني، ويحفظها مــن شر املغرضني واملفسدين. وأكـد املشاركون على أن الوسطية والتسامح في فهم اإلســام وتطبيقه من مسلمات الدين البارزة، الواضحة األحكام في مسائل العقيدة وأبواب الفقه، ول يكون النحراف عنها إل بسبب جهل أو خطأ أو تطرف فكري، فهي سمة واضحة في وجدان األمة اإلسامية عبر تاريخها الطويل، استمساكًا بهدي الـكـتـاب والـسـنـة، وتـأسـيـًا برعيل األمــة الـصـالـح فـي مـواجـهـة شــذوذ األفكار والـــرؤى حــول اإلســـام واإلنــســان واملجتمع، قــال تعالى: (وكــذلــك جعلناكم أمـة وسطا). وأوضـح املشاركون أن الوسطية اإلسامية هي ركيزة أساسية لسامة الفكر من النحراف أو الخروج عن العتدال املعتبر في فهم األمور الدينية والسياسية والجتماعية، األمــر الــذي يحفظ الـديـن والكيان العام لألمة، ويحقق األمـن والطمأنينة والستقرار، وتقع املسؤولية العظمى في نشر الوسطية اإلسامية على عاتق العلماء والدعاة ورجال التربية والتعليم واإلعـــام، توعية للنشء، وإظــهــارًا للحق؛ ليكون التعرف على اإلســام من خال أصوله الصحيحة وعلمائه املعتبرين، بعيدًا عن الدعايات املغرضة وأطروحات التطرف الفكري. وشــــددوا عـلـى أن اإلســـام بوسطيته املــتــوازنــة، وقـيـمـه الـسـمـحـة، وأحكامه العادلة، ونظمه الشاملة، وتجربته الحضارية الفريدة، قــادر في كل زمان ومــكــان عــلــى تــقــديــم الــحــلــول لـلـمـشـكـات املــزمــنــة لـلـمـجـتـمـعـات اإلنسانية، وإنقاذها من ترديها األخاقي والجتماعي الذي طبعتها به املظاهر املادية والنحرافات الثقافية والسياسية. ودعــوا إلى العمل على ضــرورة تحديث الخطاب الديني بما يراعي فوارق الزمان واملكان والحال، ويتاء م مع ثوابت اإلسام وهويته، ويعالج مشكات املجتمعات املعاصرة، بعيدًا عن النفعال وردات الفعل اآلنية التي تغفل عن اآلثار البعيدة، وأخذ زمام املبادرة في جميع القضايا النازلة بتقديم رؤى إسامية أصيلة ورصينة تحقق املصالح املشروعة لألمة. كـمـا دعـــوا إلــى تشجيع الـبـحـوث والـــدراســـات الــتــي تــؤصــل ملــبــدأ الوسطية والـتـسـامـح فــي اإلســـام وتــبــرز أهـمـيـتـه، وتـسـعـى للتعريف بــه، ونــشــره بني الــحــضــارات، وتفنيد شـبـهـات املـتـطـرفـني مـمـن يحملون أفــكــارا مختزلة أو منحرفة تتعارض مع محكمات الفقه اإلسامي، ومقاصد الشريعة. ولفتوا النظر إلــى أهمية أن تـكـون امللتقيات العلمية والـدعـويـة والفكرية جامعة لكلمة املسلمني، مع ترسيخ اإليـمـان بالسنة الكونية في الختاف والتنوع والتعددية مع إيضاح الحق بالحكمة واملوعظة الحسنة. وقال املشاركون في امللتقى في بيانهم: إن حال الضعف والفتور الذي يعتري األمة املسلمة في الوقت الحاضر ل يعبر عن تاريخها الحضاري املمتد، فقد نجحت تاريخيًا في تحقيق اإلنجازات الحضارية والنفتاح اإليجابي على الحضارات األخرى، واستفادت من تواصلها معها وأفادتها؛ األمر الذي أهل األمــة املسلمة لـريـادة الحضارة اإلنسانية قـرونـا متعاقبة، وجعلها تسهم في بناء اإلنـسـان، وفـق منهج إصاحي متكامل، كما هي قــادرة اليوم على الستفادة من اإلنـجـازات املعرفية اإلنسانية، وترجمتها إلـى واقــع تنموي ينهض باملجتمعات والدول املسلمة ضمن منهج اإلسام وضوابطه. وحـثـوا على ضـــرورة دعــم املـؤسـسـات العلمية والبحثية فـي العالم لرصد الحمات اإلعامية على اإلســام، ومعرفة دوافعها، ووضـع إستراتيجيات مناسبة للتصدي لها، وتصحيح الصورة املغلوطة عن اإلسام واملسلمني؛ ليتعرف العالم على مبادئه العظيمة، ومواجهة حمات اإلساموفوبيا. كما حـثـوا على أهمية تجلية مـوقـف اإلســـام مــن قضايا العصر ونوازله وعلومه ومستجداته، ودراسة األنظمة الجتماعية والسياسية والقتصادية املعاصرة، وتقويمها وفق املنهج اإلسامي الوسطي للخروج برؤى إسامية واضــحــة وصـحـيـحـة صـالـحـة للتطبيق مــن أجـــل تــجــاوز مـشـكـات املرحلة الراهنة. وكان ملتقى «الوسطية والتسامح في اإلسام.. نصوص ووقائع» قد تناول فيه املشاركون بــأوراق عمل مستفيضة محاور: الوسطية والتسامح، واقع الوسطية والتسامح، التحديات واملسؤوليات. وكـــان املــؤتــمــرون قــد دعـــوا إلـــى تــنــاول كــافــة الـقـضـايـا املـهـمـة عـلـى الساحة اإلسامية ووضع حلول مجمعية لها لتعبر عن صوت األمة الواحدة.