موقف طريف مع صحفي صغير!
تمر باإلنسان مواقف إنسانية طريفة سواء في حياته العملية أو االجتماعية، قد يكون في بعضها إضافة إلـــى طـرافـتـهـا عــبــرة، ومـــن ذلـــك أنــنــي دعــيــت ذات عام للمشاركة في «نـدوة عن النقل في الحج» وكنت قبيل موعد الندوة بشهور قد فصلت من جريدة الندوة التي كنت أعمل معها محررًا متعاونًا، وقد وجه لي الدعوة األخ املهندس أحمد التركي وكيل الوزارة لشؤون النقل وهــو صديق عزيز فلبيت دعـوتـه تقديرًا لـه وتحقيقًا لرغبته فــي مـشـاركـتـي مــع جـمـع مــن املهتمن بالشأن العام في إثراء جلسات الحوار ببعض املداخات الحية، السيما أن الندوة التي افتتحها وزير املواصات الشيخ حسن املـنـصـوري - رحـمـه الـلـه- كـانـت تضم عــددًا من كـبـار املـسـؤولـن فــي الـجـهـات ذات الـعـاقـة بالنقل في الحج من مدنين وعسكرين، فقابلني صحفي صغير يعمل مراسا في مكتب إحدى الصحف املحلية فسألني ساخرًا: بالله عليك ماذا جئت تفعل يا أستاذ؟! فأجبته على التو: وعلى شفتي ابتسامة عريضة: جئت أتسلى وأقضي وقت فراغي وأحضر وليمة الغداء التي تعقب افتتاح الندوة! ويبدو أن الصحفي الصغير قد أدرك أنه تجاوز حده فانزوى وانكمش، خاصة بعد أن رأى املهندس التركي يــأخــذ بــيــدي لـيـعـرفـنـي عـلـى الــوزيــر املــنــصــوري الذي توقف للترحيب بي فوجدتها فرصة لسؤاله سؤاال لم أستطع معرفة جوابه لعدة سنوات، وكـان السؤال هو عن أخبار لجنة إحياء خط قطار الحجاز - الشام التي كانت اللجنة املكونة من عـدة دول تجتمع بن الفينة واألخرى لدراسة إحيائه، وأعضاؤها من اململكة واألردن وسوريا وتركيا فكان جوابه رحمه الله باللهجة املكية: هو إنته صدقت! وملــا أردت االسـتـيـضـاح مـنـه عــن معنى عـبـارتـه املكية همس املهندس أحمد التركي فـي أذنــي قـائـا: بعدين أفهمك! أمـــا الــصــحــفــي الــصــغــيــر فــيــبــدو أنـــه نـــدم عــلــى سؤاله املــتــطــاول فــــأراد أن يـعـتـذر مـنـي فــي آخـــر أيـــام الندوة فأكدت له أن ما حصل منه مجرد غرور شباب ال ينبغي لصاحب تجربة التوقف عنده كثيرًا. أما ما أعادني لتذكر ما سبق طرحه آنفًا فهي صورة صحفية نشرتها صحيفة الــبــاد فــي اآلونـــة األخيرة تـحـت عــنــوان «صـــورة مــن الــتــاريــخ» وكــانــت عــن ندوة الـنـقـل فــي الــحــج الــتــي تــســاءل الـصـحـفـي الـصـغـيـر عن سبب حضوري لها، مع أن عاقتي العملية بالصحافة قــد انـتـهـت قـبـل انــعـقــاد الــنــدوة حـسـب تــقـديــره وعلمه وفـهـمـه للصحافة الــتــي كـــان يــراهــا عــبــارة عــن أخبار وصور ومراسلن وال شيء غير ذلك!