املعلم ممسحة البالط
الــصــديــق قــيــنــان الــغــامــدي تـــرك الــحــبــل عــلــى الـــغـــارب مــن خالل الــتــعــمــيــم الـــصـــارخ أن مــســتــوى املــعــلــم ضــعــيــف (وثـــمـــة حواش إضافية)، واالستغراب من ذلك التعميم الذي أبو عبدالله أبعد من يكون عنه، وهـو الـذي كـان يتدخل في إجــازة مقاالتي ويحرص على (التبعيض) في كل مقالة كنت أعمم فيها. والتبعيض هو املسلك الذي يجيز ألي رأي النفاذ وتحقيق مراده، بينما تـكـون آفــة التعميم اسـتـخـدام مــوس واحـــدة ووحــيــدة لكل الـرؤوس التي أردت أنت إزالـة شعرها أو تصفيفه على تسريحة وحيدة. يـقـول أبــو عـبـدالـلـه: «املـعـلـمـون واملـعـلـمـات أكـثـر العاملني راتبا، وتسيبا، وتشكيا، وضعفا تأهيليا صارخا، وأقلهم ثقافة، وعطاء، والشمس ال تغطى بغربال، واقعهم يتحدث بوضوح». وهـذه واحــدة من ثالث تغريدات وجـدت فيها أن الحكم مجحف نتج عن الحالقة بشفرة مثلومة وهيئة وحيدة. وأنـا أحد املنتمني لهذا الحقل كنت أرى وأسمع وأتضرر نفسيا عما يقال عن املعلم، والكارثة أن بعض وزراء التعليم حمل لواء املهاجمني على املعلم واتهامه بأنه شخصية ضعيفة، حدث هذا في مراحل مختلفة كان أوقعها أثرا فترة محاولة اإلصالح الشامل الــذي انتهجته الـبـالد لتنقية املنهج التعليمي مما علق بـه من دعاة محرضني على االفتراق عن الدولة أو االنتماء لتيار ديني حركي يضر بالبالد، وكانت هناك أسباب سابقة والحقة كلها ألقيت على كاهل املعلم منها أن املخرجات التعليمية املتواضعة هو املسؤول عن وجودها. ولـــــو أردنـــــــا تــتــبــع أيـــــن مــكــمــن الـــخـــلـــل فــــي الــعــمــلــيــة التعليمة ومخرجاتها سـوف نجد أخـطـاء عـدة فـادحـة لجأت إليها وزارة التعليم لكي تتخلص من اللوم املتواصل لسوء املخرجات، منها أن قرارات الوزارة يتم التخطيط لها من خالل غرف مكيفة وصل إلـيـهـا املـسـتـشـارون بـعـد االنــتــهــاء مــن سـفـريـات لـعـواصـم العالم لالستفادة من تجارب اآلخرين وإقـرار كثير من القرارات التي ال تـتـالءم مـع واقــع الـحـال ولــم يكن للمعلم (رجــل املــيــدان) أي دور في أخذ رأيـه أو االستفسار عما يمكن مالءمته للمجال الثقافي واالجتماعي للبلد، فكل الــدراســات التي أريــد تطبيقها إلنجاح العملية التعليمية فـي البلد لـم تكن مالئمة لثقافة البلد أو لم يتم تطبيقها وفق إستراتيجية الواقع، فتطبيق نظام (التقويم املستمر) مثال كــان يشي بإخفاق التجربة مـن وقــت مبكر لعدم تهيئة الظرف الثقافي الــذي تواجد فيه نجاح التقويم املستمر (فـي عـدم توفر وسائل املنهج)، بـدءا من األعــداد املهولة للفصل الـواحـد (بسبب عجز الـــوزارة عـن توفير املبنى وتخفيف أعداد الــفــصــل)، يــضــاف لــهــذا املــنــهــج الــكــتــابــي وازدحـــــــام وقـــت املعلم وتحويله من فني إلـى إداري، إذ تتحول الحصة لكتابة تقارير عن الطالب وعن مستوياتهم ومراسلة أهل الطالب وحمل وثيقة رسمية عـن الطالب املخفق ووووو (فكيف ملــدرس) أن يستوفي التقييم واملتابعة ألربعني طالبا (أو أكثر في حصة واحدة)؟. فــي هـــذا الــضــغــط لــم تـــتـــوان الــــــوزارة مــن أن تــتــحــول إلـــى مصب متدفق الــقــرارت الـتـي يـأتـي كـل منها مناقضا لـآخـر أو محرفا لــقــرارات سـابـقـة أو تــجــارب تــم الـقـفـز عليها واعـتـبـارهـا تجارب فاشلة... ويمكن القول إن ثالثة األثافي موقف الــوزارة من املعلم حـيـث اعـتـبـرتـه الـعـمـود األضــعــف فــي خيمة (املـنـهـج الدراسي)، فكانت تصد هجوم املجتمع عن أدائها السيئ بتحميل املعلم كل النتائج السلبية.. وكانت مشاكل الدولة الوظيفية يتم تسريبها ورميها إلى مكب التعليم فتم توظيف وتصريف أعداد مهولة من تخصصات علمية متعددة ومختلفة ليس لهم عالقة بالعملية التعليمية ألن يكونوا معلمني (واعتبر هــذا الخطأ الـفـادح أثر كثيرا على املسألة التعليمية فكيف تجعل إنسانا لم يؤهل في مكان لم يكن راغبا فيه وليس له فيه أي طموح)؟ الــحــكــم عــلــى املــعــلــم بـــهـــذا الـــجـــور الـــــذي انــتــهــجــه بــعــض وزراء التعليم كـان قاسيا، وكانت له آثــار مترادفة وسيئة على سمعة املعلم وتجمع الكل على إقــرار السمعة السيئة في األداء للمعلم ومـخـرجـاتـه، فـوصـل املـعـلـم بسيرته السيئة إلــى بـركـة املجتمع فتلقف الـطـالب هــذه السمعة فـسـاء كـل شــيء تعليميا وأخالقيا وانضباطا وطموحا... مشاكل املعلم تِحق له الشكوى والتباكي والضعف ووووووو.. وأنا واألخ قينان ضحايا لهذه العملية التعليمية، ونعلم تماما ما يجده املعلم من عنت، ونعرف األوضاع التي كان فيها املعلم يلد والدة قصرية لكي يكون منتجه ناجحا حتى لو تم شق بطنه وظهره!. اليـــزال بالقلب شــيء مــن حـتـى، ولــو ظللت أكـتـب ألســبــوع كامل سـأجـد يوميا معضلة يعاني منها املعلم بينما تـقـوم الوزارة مسح البالط باملعلم؛ كي يكون املـسـؤول فيها نظيفا خاليا من الدرن عندما يجد لوم املجتمع عن املخرجات الفاشلة..