هل ُيحاسب «الصامتون» على صمتهم؟
مـــا تـــــردده كــثــيــر مـــن مـــواقـــع الــتــواصــل االجتماعي وتلوكه ألسنة بعض املتحدثني في املجالس الخاصة والعامة عن أن سلبية املوقف من القضايا الوطنية الــراهــنــة الــتــي اتــســم بــه بـعـض الــدعــاة واملحسوبني على الــدعــوة هــي السبب الــذي يقف وراء تعرضهم لــلــمــســاءلــة ووضــعــهــم مــوضــع الــتــحــقــيــق، ويبنون على ذلـك دفاعهم عن أولئك الـدعـاة وأشـبـاه الدعاة، متسائلني عما إذا كانت حالة الصمت التي لجأوا إليها يمكن لها أن تعد جـرمـا يحاسبون عليه، ما تردده مواقع التواصل وتلوكه األلسنة وهم ال يقوم إال في أنفس من يجهل تاريخ أولئك الذين التزموا الصمت وادعـــوا الـحـيـاد، كما ال يـقـوم إال فـي أنفس مـن يـدافـعـون عـن أولـئـك الـدعـاة وأشـبـاه الـدعـاة عند تعرضهم للمساءلة بـالـحـق وبـالـبـاطـل وكـأنـمـا هم فوق املساءلة واملحاسبة. ويعلم أولــئــك الــذيــن ركــنــوا إلــى الصمت وتظاهروا بــالــحــيــاد فــي مــوقــف وطــنــي يـتـعـلـق بــه أمـــن بالدنا واستقرارها في ضوء ما تكشفت عنه املؤامرات التي كانت تحوكها الجماعات اإلخونجية وترعاها دول كنا نعتبرها دوال شقيقة وصديقة، يعلمون أن الوطن فــي غـنـى عــن أصــواتــهــم الـتـي كـانـت تلعلع مــن فوق املنابر بمناسبة وبغير مناسبة، غير أننا نعلم، وهم يعلمون كذلك، أن املسألة ليست مسألة الصمت، وما ارتكبوه ليس مجرد النأي بأنفسهم عن هذا املوقف الــذي تفرضه املـواطـنـة عليهم، ذلــك أن لهم تاريخا يمتد عقودا لم تكن فيه أجندتهم تختلف عن أجندة حزب اإلخوان املسلمني ولم تكن دعوتهم تختلف عن دعــوة منظري تلك الجماعة التي تكشفت الحقائق عن دورهـا اإلرهابي املتآمر ضد الوطن الذي نشأت فيه وكل وطن امتدت إليه أذرعها املعلنة والخفية. وإذا كـان قد آن األوان ملساءلة أولئك الذين لم تكن تـــبـــرأ خــطــبــهــم مــــن الــتــحــريــض عــلــى جـــهـــاد ذهب ضحيته الكثيرون من أبناء الوطن بينما ظلوا هم وأبناؤهم في مأمن من ذلك الجهاد الذي دعوا إليه، ولــم تـكـن خطبهم تـبـرأ كـذلـك مــن الــوقــوف ضــد كل ما يمكن أن يقود املجتمع لالنخراط في الحضارة والتنمية والـحـداثـة، إذا كـان قد آن األوان ملحاسبة أولـئـك فإنما هـم يحاسبون ويـسـاءلـون عما قالوه وفعلوه خـالل عقود من الزمن وليس عن صمتهم الذي لم يكن يضير الوطن بشيء سواء طال أمد ذلك الصمت أو قصر.