«نوارس ال مرئية».. حتليق نحو «الدهشة» واختراق «التردد»
تـحـلـق الــشــاعــرة خــديــجــة الــســيــد نــحــو «الـــدهـــشـــة»، وتصنع مـــن الـــكـــام الــــعــــادي حـــدثـــا يــتــفــجــر طـــاقـــة فـــي الــتــعــبــيــر عن الــــذات واإلنـــســـان عــمــومــا، وهـــو مــا جـــاء فــي الـطـبـعـة الثانية مــن مجموعتها الـشـعـريـة «نــــوارس ال مـرئـيـة» الــصــادرة عن «فراديس» البحرينية. وكــمــا فــي تـجـربـتـهـا األولــــى «نــبــض الــعــنــاقــيــد» يـتـعـالـى في «نـــوارس ال مرئية»، دفء الـحـروف وهــدوء الكلمات وقابلية التأويل عبر مـفـردات عامرة باإليحاء، وبعيدة عن املباشرة الباردة. ما يأذن بتراكمية تجربة تنوس بن النص التفعيلي والنثري متكئة على تجربة قرائية واستيعاب ملفاتيح النص الجديد. ومــن خــال عـتـبـات الــنــص األول فــي الــديــوان يحضر البحر والــــنــــوارس، إال أن الــعــتــبــات لـيـسـت عــلــى ظــاهــرهــا، إذ تقول فـي مطلع املجموعة: «ال تــدرك معنى املـتـاهـة، وال تؤجل من مفاوز الرحيل، تلك الشفيفة تصفق أجنحتها للسماء، كلما خلعت الصحو، تراود الغيم قبل أن يهم بالهطول، لم تتدرع بالخوف، ولم تنس على الضفاف األشرعة، لها أفق الذكريات ولي أحمر يخضب كفوف املساء». وتغلب النزعة اإلنسانية على نصوص املجموعة املستأنسة؛ إذ تحيل األشياء إلى ذوات حية وكأنها مشروع حياة تتكامل، فالجدران عيون مفتوحة على الضوء، وشباك الصيد كفوف مهجوسة بإشباع الصغار، وحتى النوارس البيضاء املضرجة بحمرة الشمس تأتي بهاجس نقل رسائل التحذير للصيادين ولعشاق البحر أن ال تتمادوا في املغامرة. ولــم تنس مـا تحتويه غرفتها مـن نـبـات الزينة الــذي تحول بمرور الوقت إلى بشر تتقاسم معه حكايات الجهات املتخمة بأمواج الحنن وترى فيه خمسينيا تتناوبه أضغاث األحام وتريق عليه بقايا الضجر.