Okaz

ملاذا لن تنجح دعوات الفوضى؟

- يحيى األمير yameer33@ hotmail.com

في حمأة الفوضى واملظاهرات التي كانت تعم عواصم في املنطقة العربية العام 2011 ظهرت في اململكة نداءات تحاول أن تستنسخ ذات التجربة في الشارع السعودي، تم اإلعالن عما سمي يومها: ثورة حنني. كــان االســم اسـتـدعـاء تاريخيا غبيا وفــي غير محله، فــالــثــ­ورات الـتـي فــي الـقـاهـرة وتــونــس وليبيا وغيرها كانت تحمل شعارات مواجهة القمع واالستبداد وتمكني األجيال الجديدة ومواجهة أكاذيب الديموقراط­ية واالنتخابا­ت التي ظلت تلعب بها بعض األنظمة على شعوبها لعقود طويلة. لكن الذين تمنوا أن تمتد الفوضى للشارع السعودي لم يجدوا أيا من تلك املبررات فاتجهوا للعب على الوتر الديني عبر ذلك االستدعاء وهو ما مثل إعالنا ضمنيا أن ما تتم الدعوة إليه ليس متماثال مع ما يحدث في املنطقة (على افتراض استثمار الحماس العارم آنذاك). طبعا كانت وسائل التواصل االجتماعي هي الساحة الوحيدة لذلك التهييج وتواصلت الهاشتاقات واملعرفات الوهمية التي تبني الحقا من كان يقف خلفها في طهران ولندن والدوحة، لكن شيئا في الواقع لم يحدث وانتهت مسرحية ثورة حنني بعد أن انطفأت في وسائل التواصل االجتماعي. تلك التجربة تضعنا أمــام أبــرز مـبـرر مـن مــبــررات فشل كـل الــدعــوا­ت الـتـي سعت لتجعل الفوضى واالضطراب تجد طريقها للشارع السعودي؛ كل األسباب التي تدعو لذلك ال وجود لها في الحياة السعودية، األنظمة التي دخلت في مواجهات مع شعوبها كانت أنظمة قائمة على خديعة مطلقة فهي تسمي نفسها جمهوريات ولديها انتخابات ومع ذلك يبقى الزعماء في سدة الحكم لعقود طويلة وهو ما يشير إلى انسداد عام في األفق الوطني يجعل حالة التذمر والقبول بفكرة املواجهة أمرا سائغا، في الوقت ذاته تظل األنظمة امللكية بعيدة تماما عن تلك الخديعة ونموذجها في الحكم واضح واقعي وصادق. وتستمد شرعيتها من معطيات تاريخية واجتماعية وتنموية تستند للتأسيس والتوحيد وبناء الدولة وحماية أمنها ومواطنيها. ظلت اململكة نموذجا لالستقرار منحها كل عناصر القوة التي جعلتها تحمل مسؤولية نشر االستقرار إقليميا والحفاظ على أمن محيطها العربي، واستطاعت في أحلك الفترات السياسية أن تحافظ على أمنها الداخلي وأن تستثمره إلعادة االستقرار لدول املنطقة التي كادت تعصف بها أحداث الفوضى. ذلــك الــواقــع الـقـوي للمملكة جعل كـل دوائـــر الـتـآمـر فـي حـالـة تخبط قـصـوى ولــم يستطع أي منها النفاذ إلـى الـداخـل السعودي، كـان اإلرهــاب أبــرز األدوات التي تم تجريبها على مستويني: التهمة واالستهداف؛ التهمة بدعم اإلرهـاب ودعم الخاليا والجماعات اإلرهابية التي تستهدف اململكة، لم تنجح كل تلك املخططات وقدمت األجهزة األمنية السعودية أبرز نموذج عاملي في مواجهة اإلرهاب والقضاء عليه. اتجهت دوائر التآمر لتبني أصوات معارضة في الخارج وأمدتها باملال والدعم املستمر لكنها تحولت بعد كـل تلك الـسـنـوات إلــى طـرائـف يتندر عليها السعوديون فـي مجالسهم، حملت تلك املعارضة شعارات دينية فلم تفلح في املزايدة على الثقافة السعودية ثم حملت شعارات حقوقية فضفاضة لم يصل خطابها للشارع أصال، ثم اتجهت ملطالب تنموية فرد عليهم الشارع ضمنا أن الدعوة ملزيد من التنمية تحتاج ملزيد من األمن ال للثورات والفوضى. وصلنا إلى اللحظة التي يجب فيها وقف تلك األنشطة املعادية بعد أن استطعنا إقفال امللفات الكبرى في املنطقة، واجهنا كل الجماعات املسلحة بكل قوة وحق، ثم واجهنا األنظمة املتآمرة. باألمس مرت مائة يوم على قرار املقاطعة العادل الذي اتخذته أربع دول على رأسها اململكة ضد النظام القطري الذي تولى لسنوات تمويل وإدارة تلك الدوائر التآمرية تجاه اململكة ودول الخليج ودول عربية أخــرى، وبينما النظام القطري فـي هــذا الـواقـع املـتـأزم لـم يجد مـن أدوات املقاومة سوى تلك النماذج الفاشلة سابقا فأعاد تكرارها وبذات الوسائل واألدوات القديمة وعبر مواقع الـتـواصـل االجتماعي وعـبـر الشخصيات الـتـي تبناها ودعمها فـي الــخــارج إلطــالق «حـــراك ٥1 سبتمبر» وانتهى ذلك التاريخ مخلفا هاشتاقا تافها وطرائف جديدة يضحك عليها السعوديون في مجالسهم مرة أخرى.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia