سحب اجلنسية!
أثــــار ســحــب دولــــة قــطــر الـجـنـسـيـة القطرية مــن بعض مواطنيها مــن أبــنــاء قبيلة مرة، اسـتـنـكـارا وامـتـعـاضـا، ليس لــدى جمعيات حقوق اإلنسان وحسب، وإنما لدى كل مؤمن بحق اإلنسان في االنتماء إلى وطنه.
فــالــجــنــســيــة تــمــثــل االنـــتـــمـــاء إلـــــى الــــوطــــن ولـــيـــس إلى الحكومة، وبذلك ليس من حق الدولة تجريد مواطنيها مـن جنسياتهم مهما كانت األســبــاب؟ مـن حـق الحكومة مــســاءلــة مــن ال يمتثل لـرغـبـاتـهـا وال يـطـيـع تعليماتها بتقديمه للمحاكمة ومحاسبته، ولـكـن ليس مــن حقها تـجـريـده مــن انـتـمـائـه إلــى وطــنــه، فـاالنـتـمـاء إلــى الوطن حـق شرعي ألبنائه الـذيـن غاصت عروقهم داخــل تربته واحتضنت أرضه رفات آبائهم وأجدادهم، فال يحق ألي أحد أن يحرمهم من االنتماء إليه، فكيف لحكومة قطر أن تجعل سحب الجنسية من مواطنيها (عقوبة) لهم؟ هـذا الحدث يبعث على التساؤل حـول صـواب ما فعلته حكومة قطر، حيث جعلت سحب الجنسية من املواطنني حــقــا مـــن حــقــوقــهــا تــســتــخــدمــه فـــي مــعــاقــبــة مـــن يخالف توجهاتها السياسية! هل هـذا هو النمط السائد من األنظمة في دول العالم؟ في الواقع نجد أن أنظمة الــدول تختلف في موقفها من هذه القضية األخالقية، هناك دول تقر بحق املواطن في االحـتـفـاظ بجنسيته، مثل فنلندا والــدانــمــارك والسويد والــيــابــان، ولــذلــك نـجـدهـا ال تـــدرج سـحـب الـجـنـسـيـة من املواطنني ضمن العقوبات التي تنص عليها أنظمتها، فهي تقر بـأن الجنسية حق شرعي للمواطن ال يجب أن تستخدم في االختالفات السياسية.
وهـــنـــاك دول حــتــى وإن نــصــت قــوانــيــنــهــا عــلــى سحب الجنسية من املواطن الــذي يرتكب جرما في حق وطنه، هي ال تفعل ذلك بجرة قلم، حسب ما تهوى، وإنما يكون ذلك عن طريق املحكمة، التي يرجع إليها الحق في إصدار الحكم بسحب الجنسية أو رفض ذلك، وفي الوقت نفسه، للمواطن الصادر بحقه حكم السحب، الحق في االستعانة بمحام للطعن في الحكم واالعتراض عليه، كما حدث في بريطانيا عندما أصدرت املحكمة حكما بسحب الجنسية من أحد مواطنيها (املتجنسني) التهامه باإلرهاب، فتقدم بالطعن في الحكم واالعتراض عليه. وهناك دول تتعامل أنظمتها مع الجنسية، كهبة تكافئ بـهـا مــن يطيعها ويمتثل لرغباتها الـسـيـاسـيـة، أمــا من يـخـالـفـهـا ويــبــدي عـــدم الــرضــى عــن سـيـاسـتـهـا، فجزاؤه الحرمان منها فتعاقبه بانتزاعها منه. والــخــالصــة هــي أن الـجـنـسـيـة تـعـنـي االنــتــمــاء للوطن، وسـحـبـهـا مــن املــواطــن عـقـابـا لــه عـلـى مـخـالـفـتـه سياسة الــــدولــــة، يــجــعــل الــجــنــســيــة مــرتــبــطــة بــالــســيــاســة وليس باألرض.