حني تكون اإلجازة «ضد» التربية
يعود الطالب والطالبات إلى مدارسهم بعد غــيــاب دام أربــعــة أشــهــر، ولــيــس لـنـا مهما كانت سعادة املعلمني واملعلمات والطالب والطالبات بطول اإلجــازة هذا العام إال أن علينا أن نتساءل عن املردود السلبي الذي يمكن أن تتركه على العملية التربوية واألثر السلبي الذي يلحق بالعالقة العضوية بني الطالب ومدارسهم والتي من املفترض أن تكون البيت الثاني لهم، يألفونه ويسكنون إليه على نحو ال يمكن له أن يتحقق إذا ما تغيب هؤالء الطلبة والطالبات عن «بيتهم الثاني» أربعة أشهر، ولنا أن نتفق على أن اإلنـسـان لو غـاب عن بيته هـذه املــدة لشعر بــالــغــربــة حـــني يــعــود إلــيــه والحـــتـــاج إلى بعض الوقت كي يستعيد إلفته له. العالقة بني الطالب والطالبات ومدارسهم عـــــالقـــــة عــــضــــويــــة حـــمـــيـــمـــة ال يـــمـــكـــن أن تعوضها نشاطات صيفية مهما حرصت وزارة التعليم على إقامتها، عالقة الطالب بمدارسهم هـي عالقة بالفصل والسبورة واملعلم والزمالء والكتب املدرسية والدفاتر واألقــــالم وطــابــور الـصـبـاح، وهــي العالقة الـتـي تشكل اإلطـــار الـشـامـل الــذي تتأسس عـلـيـهـا كــافــة الـــجـــوانـــب الــتــعــلــيــمــيــة، وأي إخـــالل بــهــذه الــعــالقــة وكــســر لحميميتها مـن شأنه أن يربك العملية التعليمية من أساسها. وإذا مــــا نــظــرنــا إلـــــى اإلجــــــــازة الصيفية فــــي دولـــــــة تـــمـــثـــل أنــــمــــوذجــــا فــــي نموهم االقتصادي والعلمي وهـي اليابان، فإننا نـجـد أن اإلجــــازة الصيفية ال تـتـجـاوز 40 يوما، بينما تحرص كوريا الجنوبية وهي أنموذج آخر على تقسيم اإلجازة إلى قسمني إجازة شهرين في الصيف وشهر واحد في الـشـتـاء، وذلــك حـرصـا على املحافظة على عالقة الطالب بمدارسهم وإلفهم لها. اإلجـــازة جــزء مـن العملية التربوية حني تـكـون إجـــازة معقولة ومقبولة، أمــا حني تكون بمثل هـذا الـطـول الــذي كانت عليه إجـــــــازة الــــطــــالب والـــطـــالـــبـــات واملعلمني واملعلمات هــذا الـعـام فإنها ستكون ضد العملية التعليمية حتى وإن لقيت الرضا ممن تمتعوا بها، والذين سوف يسخطهم مـــقـــالـــي هـــــــذا كـــمـــا أســـخـــطـــتـــهـــم مقاالت أخـــرى سبقت يـتـوخـى فيها مــن كتبوها للتعليم غاية ال تتحقق ممن ال هم له إال التمتع بــاإلجــازات وال يسعده شــيء غير تمديدها.