Okaz

اخلطأ زاد العجول

- مي خالد @Mayk_0_0 May_khaled@hotmail.com

كما قرأتم في العنوان: «الخطأ زاد العجول»، بهذا املثل ختمت الكاتبة الـقـديـرة والـزمـيـل­ـة الـعـزيـزة: عـزيـزة املـانـع مقالها املـنـشـور فـي زاويتها العريقة «أفـيـاء» يـوم أمـس (الثالثاء) وكـان عنوان املقال: خلق اإلنسان من عجل. وأنا أقرأ مقالها الذي كتب على مهل كما يصنع محمود درويش قهوته على نــار هــادئــة، رافــضــا استعمال مغلفات الـقـهـوة سريعة التحضير فيقول: «القهوة ال تشرب على عجل، القهوة أخت الوقت»، تذكرت رواية ميالن كـونـديـرا: «الــبــطء»، وفيها يمتدح كونديرا الـبـطء ويــذم السرعة فيتساءل: «ملـاذا اختفت لذة البطء؟ أين هم متسكعو الزمن الغابر؟ أين أبطال األغاني الشعبية الكسالى، أولئك املتسكعون الذين يجرون أقدامهم بتثاقل من طاحونة إلى أخرى، وينامون في العراء، هل اختفوا باختفاء الدروب الريفية والواحات وفجاج الغابات، وباختفاء الطبيعة؟». ورواية البطء تسعى لربط السعادة واستعادة الذكريات الجميلة بالبطء وربــط الـذكـريـا­ت السيئة التي نريد نسيانها بالسرعة، فمثال إن كنت تسرع في مشيك ووصلت إلى باب بيتك أو مكتبك وأردت أن تتذكر أين وضـعـت املـفـتـاح فـإنـك تبطئ مــن خـطـوك لتفتش عــن مـكـان املـفـتـاح في جيبك أو حقيبتك، والعكس صحيح فإن كنت تمشي ببطء ثم خطرت في بالك ذكـرى محرجة أو سيئة فإنك تلقائيا تسرع في مشيتك كي تطرد هذه الذكرى. لكن الكرة األرضية تبدو ككرة زرقاء مجنونة تدور وتدير كل ما عليها بسرعة جنونية نحو سرعة اإلنـتـاج وسرعة االستهالك وسرعة العمل والتوزيع، كل ما حولنا يصرخ في وجوهنا «ال وقت لدي». وهناك كتابان آخـران عن لذة البطء هما «مديح البطء» الـذي نشر عام 2005 وترجم إلى 30 لغة، وكتاب «البطء، طريقة االستعمال»، للصحافي الكندي كارل هونوريه، وهو أحد رواد «حركة البطء» حيث يقول: «إن الفعالية ليست بالضرورة رديفا للسرعة، وإنه من الخطأ أن نضع الصبر والبطء في مصاف الكسل والضعف. بل العكس هو الصحيح، ذلـك أن البطء يتطلب دقـة وأخـذ مسافة، وهـو يمنح اآلليات الجماعية واملواطنية مكانتها. بإمكانه أن يساعدنا على تطوير طريقٍة جديدٍة في رؤية العالم، والتفكير به وتنظيمه». كل هؤالء: عزيزة املانع وميالن كونديرا وكارل هونوريه. وسبقهم جميعا القرآن الكريم. يقولون لنا: امنحوا الوقت بعض الوقت.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia