AEAEw³FA « dFA « Âu−M « W d( b{«—
يــــعــــد الــــشــــعــــر راصــــــــــــدا دقــــيــــقــــا لحركة النجوم وأسمائها ومواقيتها املناخية واملـوسـمـيـة، لتبدو السماء وثيقة فلكية فـــي مــقــابــل وثــيــقــة األرض التاريخية، وقـد عالج ذلـك الشعر الفصيح والعامي فــي حقبتني تاريخيتني بينهما تشابه كبير فـي الـظـروف الجغرافية والثقافية واالجــتــمــاعــيــة واالقــتــصــاديــة، ومـــن هذا نــتــج الــتــشــابــه املـــعـــرفـــي الــتــوثــيــقــي في النوعني معا. ومــــمــــن عــــنــــي بـــالـــتـــوثـــيـــق الـــفـــلـــكـــي في الـشـعـر الــعــامــي الــشــاعــر مـحـمـد عبدالله القاضي، وراشد الخاوي، ولهذا األخير مـدونـة شعرية فلكية جــاء فـي مجموعة منظومات على البحر الـهـالـي، أبرزها الدالية، والرائية، والبائية. وعـــن هـــذه الـقـصـائـد الــثــاث اقـتـبـس من كـــتـــاب (الـــنـــجـــوم واألنـــــــــواء عــنــد العرب األواخـــــــر) لــخــالــد بـــن عــبــدالــلــه العجاج، وهــو كتاب ثــري وقـيـم شــرح فيه قصائد الـــخـــاوي مـــع مـــقـــارنـــات ومـــقـــاربـــات مع الشعر العامي، كما عند محمد القاضي، والـشـعـر الـفـصـيـح فــي الـعـصـر الجاهلي إلى األموي، وأبرز شعراء الفصيح الذين رصـدوا النجوم ومواقيتها النابغة وذو الرمة واألخطل. وقد رصد راشد الخاوي الحساب الفلكي فـــي املــنــظــومــات الــشــعــريــة الـــثـــاث على النحو التالي: ١- الــدالــيــة: رصـــد فـيـهـا نــجــوم املواسم، وهي التي تسمى باملطالع، وعن طريقها يـتـم تـوقـيـت الـفـصـول واملــواســم، إذ يبدأ مــوســم الــقــيــﻆ بــطــلــوع الــثــريــا وينتهي بطلوع سهيل، وفي هذه الدالية خريطة لــلــمــطــالــع تـــرصـــدهـــا عــلــى هـــــذا النحو: (الــــثــــريــــا، الـــتـــويـــبـــع، الــــــجــــــوزاء، املـــــــرزم، الكليبني، سهيل)، ومطلع الدالية: إذا ما الثريا من سنا الصبح وايقت .. ترى كل خضرا ودعت بالسنايد. وهذا البيت قريب جدا من البيت الفصيح الذي أورده ابن قتيبة في كتاب األنواء: إذا ما قارن القمر الثريا .. لخامسة فقد ذهب الشتاء! -2 الــرائــيــة: وفـــي هـــذه املنظومة يبني الخاوي طـول املواسم ويربطها بنجومها، حيث يحسب مدد املواسم ونجوم كــل مــوســم مــن بــدايــة القيﻆ حتى بداية الوسم، وقد حــســب لــكــل موسم مــــــــــــــــدة نــــجــــمــــني )2٦( ّيــــومــــا، ألن مـــــدة كل نــجــم )١3( يوما. ومطلع الرائية: أول نجوم القيﻆ غرا لكنها.... مراغة بزوا عند باب املجحرا وفي هذا املطلع يلفتنا تشبيهه «الثريا» بﺂثار األرنب «البزوى»، التي تشبه نجوم الثريا عن مدخل جحرها. وفـــــي هـــــذا الـــســـيـــاق، نــلــحــﻆ أن السماء بـأفـاكـهـا، وحــركــة نـجـومـهـا، تـمـثـل عند الشاعر الجاهلي والشاعر النبطي، مرآة لــلــصــحــراء، فــالــشــاعــر يــــرى فـــي صفحة ســمــائــه انـــعـــكـــاســـات صــفــحــة صحرائه، ولــهــذا اتــخــذ الــســمــاء خـريـطـة طــريــق في الصحراء. -3 الــبــائــيــة: وفــــي هــــذه يــضــع الخاوي مــنــهــجــه فـــي حــســابــه الــفــلــكــي، كــمــا ذكر الباحث خالد بن عبدالله العجاجي في كتابه الذي أشرت إليه، وهو منهج حسابي دقيق، مبني على نجم الثريا، ومن أشد الـنـاس اعتناء بمعرفة هــذه األوقـــات هم أهـــــل الـــفـــاحـــة والــــطــــب لـــضـــرورتـــهـــا في توقيت نشاطاتهم الزراعية والطبية، مثل البذر والري واللقاح والفصد والحجامة والختان وغيرها، بحسبما ذكر الباحث اآلنف الذكر. ومطلع البائية: قـــال الـــخـــاوي والـــخـــاوي راشـــــــد.... عمر الفتى عقب الشباب يشيب حسبت أنا األيام بالعد كلها.... وال كل من عد الحساب يصيب وامللفت في هذا املطلع أن الشاعر ربط بني الحساب الفلكي الدقيق وبني العمر الذي يــنــصــرم بــمــرور األيـــــام، وهــــذا مـلـمـح من مـامـح مطالع الشعر الـعـربـي، إذ يومﺊ الشاعر بغرضه منذ البدء واالستهال. وفي سياق هذا التقارب بني الشعر العربي والنبطي أختم بـاإلشـارة إلـى كتاب مهم تــنــاول هـــذه الــعــاقــات فــي املوضوعات والبناء الفني والتجربة الفنية، هو كتاب الــدكــتــور مــرســل فــالــح الـعـجـمـي (النخلة والــــجــــمــــل.. دراســــــــة فــــي عــــاقــــات الشعر النبطي بالشعر الجاهلي). كما ال يفوتني التنويه بجهود الدكتور ســـعـــد الـــصـــويـــان فــــي هذا الـجـانـب مــن خــال عدة مــــــؤلــــــفــــــات أبــــــرزهــــــا (الـــشـــعـــر النبطي، ذائـــــــقـــــــة الشعب، وســلــطــة النﺺ) الــــــــــصــــــــــادر عن دار األنــــــســــــاق فــــــي طبعته الثانية.