«الشريفة» التي تتحدث عنها قطر!
دهشة كبيرة.. وتناقض واضح.. هذا هو االنطباع الـــــذى تــركــتــه لــــدي كــلــمــة وزيـــــر الـــدولـــة للشؤون الخارجية القطري سلطان بن سعد املريخي أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الثاني عشر من سبتمبر الجاري. التناقض جاء بني القول والفعل.. أما القول الذي أدهشني فجاء على لسان الوزير القطري عندما وصف إيران «بالدولة الشريفة».. وأما الفعل الذى يثبت التناقض فكان عندما صوت رئيس الوفد الـقـطـري لصالح قــرار إدانـــة إيـــران لتدخالتها فـي شــؤون الدول العربية! والحقيقة أن التاريخ يؤكد أنه منذ قيام الثورة اإليرانية عام ،م1979 وسجل إيـران يحفل بأفعال تثبت تبنيها سياسات نشر الفنت والقالقل واالضطرابات في دول املنطقة بهدف زعزعة أمـنـهـا واســتــقــرارهــا، والــضــرب بـعـرض الـحـائـط بـكـافـة القوانني واالتفاقات واملعاهدات الدولية، واملبادئ األخالقية. وقد التزمت اململكة العربية السعودية بسياسات ضبط النفس، والحفاظ على حسن الجوار طوال الفترة املاضية، رغم معاناتها املستمرة ودول املنطقة، والعالم بأسره من جراء السياسات العدوانية اإليرانية. والحقيقة األخرى أن هذه السياسات اإليرانية تستند في األساس على ما نص عليه الدستور اإليـرانـي في مقدمته، وعلى وصية الخميني، فيما عــرف بمبدأ «تصدير الـثـورة». وهـو مبدأ تقوم عليه السياسة اإليـرانـيـة الـخـارجـيـة، رغــم مـا يستدعيه ذلــك من انتهاك سافر لسيادة الدول، والتدخل في شؤونها الداخلية تحت مسمى نصرة الشعوب املستضعفة واملغلوبة على أمـرهـا. وفى سبيل ذلـك تقوم إيــران بتجنيد امليليشيات في الـعـراق، ولبنان، وسوريا، واليمن. كـمـا تــدعــم إيــــران اإلرهــــاب بـشـكـل مستمر بـتـوفـيـر مــــالذات آمنة لقياداته على أراضيه، وزرع الخاليا اإلرهابية في عدد من الدول العربية، وتــجــاوزت هــذه السياسات إلــى األفــعــال بالضلوع في التفجيرات اإلرهابية التي ذهـب ضحيتها الكثير من األبرياء، واغتيال املعارضني في الخارج، وانتهاكاتها املستمرة للبعثات الـدبـلـومـاسـيـة، ومــطــاردة الـدبـلـومـاسـيـني األجــانــب حــول العالم بــاالغــتــيــال أو مــحــاولــتــه. وكـــل ذلـــك تــدعــمــه الــتــواريــخ واألرقـــــام واألحــــــداث الــتــى تــوضــح فـــي مـجـمـلـهـا حـقـيـقـة ســيــاســات إيران العدوانية طوال أكثر من 35 عاما. وكلها حقائق تدحض بالدليل القاطع تلك األكـاذيـب التي يروجها النظام في طـهـران، بما في ذلك مقال وزير الخارجية اإليراني في صحيفة نيويورك تايمز، ورسالته إلى األمني العام لألمم املتحدة. والــحــق أن اسـتـعـراض سـجـل الـنـظـام اإليــرانــي فــي دعــم اإلرهاب والتطرف في منطقتنا، وفي العالم لدليل كاف على الحقيقة التي يحاول الفكاك منها. فــإيــران هــي الــدولــة األولــــى فــي الـعـالـم لـرعـايـة اإلرهــــاب ودعمه، فقد أسست العديد من املنظمات اإلرهابية الشيعية في الداخل (فيلق القدس وأشباهه)، وفي الخارج عمدت إلى تأسيس «حزب الـلـه» فـي لبنان، و«حــزب الـلـه» الحجاز، وعصائب «أهــل الحق» في العراق، وغيرهم. كما أسست ودعمت العديد من امليليشيات الطائفية في عدد من الدول أمثال «الحوثيني» في اليمن. ويكفى دليال أن األمم املتحدة أدانتها، وفرضت عليها عقوبات دولية. كـمـا دعــمــت إيــــران وتـــواطـــأت مــع مـنـظـمـات إرهــابــيــة أخـــرى مثل «القاعدة» بتوفير مالذ آمن لعدد من قياداتها، وال يزال البعض منهم ينعم بالحياة املترفة على األراضى اإليرانية. واملتتبع ألهم األحداث اإلرهابية في العالم يصعب عليه أن يجد حدثا أو عاما برئت فيه يد النظام اإليراني من حادثة أو أكثر في بقاع األرض. ففي العام م1982 تفجرت أزمــة «الـرهـائـن»، والتي استمرت 10 ســنــوات، وتــم اخـتـطـاف 96 أجنبيا فــي لـبـنـان، وكــان بينهم 25 أمريكيا، وكـانـت معظم عمليات الخطف مـن تنفيذ حــزب الله، والجماعات املدعومة من إيران. ويحمل عام م1983 خاتمًا خاصًا في العمليات اإلرهابية، بدءًا من تفجير السفارة األمريكية في بيروت بمعرفة عمالء «حزب الــلــه» فــي عـمـلـيـة دبــرهــا الــنــظــام اإليـــرانـــي وراح ضـحـيـتـهـا 63 شخصا في السفارة. وفى العام نفسه م1983 نفذ أحد عناصر الحرس الثورى اإليراني، واسمه إسماعيل العسكري، عملية انتحارية في بيروت بتدبير إيراني استهدفت مقر مشاة البحرية األمريكية. وأسفرت العملية عن مقتل ،241 وإصابة أكثر من ،100 من العسكريني واملدنيني األمريكيني. وهى العملية التي قالت عنها الصحافة األمريكية بأنها أوقعت أكبر عدد من القتلى خارج ميادين القتال. وبــالــتــزامــن مــع هــذه العملية تــم تفجير مـقـر الــقــوات الفرنسية فـي بـيـروت بمعرفة «حــزب الـلـه». وخلف التفجير 64 قتيال من العسكريني واملدنيني الفرنسيني. وفــى نـفـس الــعــام نـفـذ عـنـاصـر مــن «حـــزب الــلــه» وحـــزب الدعوة الــشــيــعــي، املـــدعـــومـــني مـــن إيـــــــران، مــجــمــوعــة هــجــمــات إرهابية استهدفت الـسـفـارة األمريكية والـسـفـارة الفرنسية فـى الكويت، ومصفاة للنفط، وحيا سكنيا. وأسفرت الهجمات عن 5 قتلى و8 جرحى. ولم ينته العام م1983 إال بهجوم تم خالله قصف ناقالت النفط الكويتية، مما اضطرها إلى رفع العلم األمريكي. وشهد العام م1984 شن حزب الله هجوما على ملحق للسفارة األمريكية في بيروت الشرقية مخلفا 24 قتيال بينهم أمريكيون. وفى العام م1985 وقع حادثان؛ األول محاولة تفجير موكب سمو الشيخ جابر األحمد الصباح أمير دولة الكويت آنذاك، رحمه الله، والتي نتج عنها أربعة قتلى. أما الثاني فكان خطف طائرة ركاب تابعة لخطوط )TWA( وعلى متنها 39 أمريكيا بتدبير إيراني. وهـي العملية التي استمرت أسابيع وراح ضحيتها أحـد مشاة البحرية األمريكية. ولم تسلم الشعائر الدينية واألرض املقدسة من إرهاب النظام في طهران، فقد شهد العام م1986 حادثا هو األغرب من نوعه حني حرضت إيــران حجاجها على القيام بأعمال شغب أثـنـاء تأدية املناسك مما أدى لحدوث تدافع بني الحجيج راح ضحيته 300 من ضيوف الرحمن. وشهد العام م1987 إحراق ورشة باملجمع النفطي برأس تنورة شـرق السعودية نفذه عناصر من «حــزب الله» الحجاز املدعوم من النظام اإليراني، ولم يكن هذا هو الحادث الوحيد لعناصر هـذا التنظيم، فقد هاجموا مقر شركة «صــدف» بمدينة الجبيل الصناعية شرق السعودية. ولم يكتف النظام اإليراني خالل هذا العام بالهجمات اإلرهابية داخل اململكة، فقد تورط في اغتيال الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران، وهو نفسه العام الـذي أفشلت فيه سلطات اململكة العربية السعودية محاولة تهريب إيــران متفجرات في حقائب حجاجها. كما اعتدت السلطات اإليـرانـيـة، وفـي نفس الـعـام، على القنصل الــســعــودي فــي طــهــران رضــا عـبـد املـحـسـن، واقــتــاده عـنـاصـر من الـــحـــرس الـــثـــوري إلــــى املــعــتــقــل، ولــــم يــتــم اإلفــــــراج عــنــه إال بعد مفاوضات بني اململكة العربية السعودية وإيران. وال يـخـفـى عـلـى أحـــد حـقـائـق تـــورط إيــــران فــي عـمـلـيـات اغتيال تمت لعدد من املعارضني لنظام طهران. فقد تورطت عام م1989 فــي اغـتـيـال عـبـد الـرحـمـن قاسملو زعــيــم الــحــزب الديموقراطي الكردستاني اإليراني ومساعده عبد الله آزار في فيينا. وفي عام م1991 اغـتـال عناصر مـن الـحـرس الــثــوري فـي بـاريـس شهبور بـاخـتـيـار آخـــر رؤســــاء الــحــكــومــات فــي إيــــران تـحـت حـكـم الشاه. وأسفر الحادث عن مقتل رجل أمن فرنسى وسيدة فرنسية. وفى برلني وفى العام م1992 اغتالت إيـران صـادق شرفكندي األمني الــعــام لـلـحـزب الــديــمــوقــراطــى الــكــردســتــانــي اإليـــرانـــي، وراح في العملية مـسـاعـدوه الـثـالثـة، فـتـاح عـبـدولـي، وهـومـايـون أردالن، ونوري دخردي. وفي العام م1989 تورط النظام اإليراني في اختطاف وقتل عدد من الدبلوماسيني األمريكيني في لبنان. وخـــالل الـفـتـرة مــن م1989 إلــى م1990 تـــورط الـنـظـام اإليراني في اغتيال الدبلوماسيني السعوديني عبدالله املالكي، وعبدالله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف في تايالند. وفــي الــعــام م1992 أثـبـت الـقـضـاء األملــانــي تـــورط االستخبارات اإليــرانــيــة فــي تفجير مطعم مـيـكـونـوس فــي بـرلـني وقـتـل أربعة مــعــارضــني إيـــرانـــيـــني كـــانـــوا فـــي املــطــعــم ســـاعـــة الــتــفــجــيــر. وقد أصدر املدعي العام األملاني االتحادي مذكرة اعتقال بحق وزير االستخبارات اإليرانية -على فالحيان- موجهًا له تهم التخطيط واإلشراف على العملية. وال ينسى العالم تفجيرات العاصمة األرجنتينية بيونس أيرس التي وقعت عام م1994 وخلفت 85 قتيال وأكثر من 300 مصاب، وهى العملية التي اعتقلت الشرطة البريطانية عام م2003 هادي بور السفير اإليراني السابق في األرجنتني بتهمة التآمر لتنفيذ الهجوم. وفـى العام 1994 تــورط النظام اإليـرانـي في األحــداث الخطيرة الــتــي وقــعــت فــي مــطــار ســيــمــون بــولــيــفــار الـــدولـــي فــي كراكاس. وأصــدرت الخارجية الفنزويلية بيانا صحفيا أكـدت فيه تورط أربعة دبلوماسيني إيرانيني في األحداث بهدف إجبار الالجئني اإليرانيني على العودة إلى طهران. وشـهـدت مدينة الخبر السعودية عــام م1996 حـادثـا مأساويا بتفجير أبــــراج سـكـنـيـة بـمـعـرفـة عـنـاصـر «حـــزب الــلــه الحجاز» املدعوم من إيران، وقد خلف الهجوم اإلرهابي 120 قتيال، بينهم 19 أمريكيا. وتولت إيران توفير الحماية واألمن ملرتكبي الحادث وضمنهم املواطن السعودى أحمد املغسل، والذى تم القبض عليه عام م2015 وهو يحمل جواز سفر إيرانيا. وأثبتت التحقيقات أن امللحق العسكري اإليراني لدى دولـة البحرين آنـذاك أشـرف على العملية، وأن مرتكبيها تلقوا تدريبهم فـي لبنان وإيـــران، وأن األسلحة املستخدمة في الهجوم تم تهريبها إلى اململكة من لبنان بمعرفة عناصر من حزب الله، ولدى اململكة وعدة دول صديقة أدلة تؤكد هذه املعلومات. ومنذ العام 2001 وبعد هجمات 11 سبتمبر، وفرت إيران مالذًا آمنا على أراضيها لزعامات من تنظيم القاعدة بينهم سعد بن الدن، وسيف العدل وغيرهما. ورفض النظام اإليراني تسليمهم لبلدانهم رغم تعدد املطالبات في هذا الشأن. ولم تتوقف إيران لحظة عن دعم العلميات اإلرهابية، ففي العام م2003 تــورط النظام اإليــرانــي فـي هجمات الـريـاض اإلرهابية والتي تم تنفيذها بأوامر من أحـد زعماء تنظيم «القاعدة» في إيران ونتج عنها مقتل العديد من السعوديني واألجانب وبينهم أمريكيون. ولـم تكن كل العمليات اإليرانية ناجحة، ففي العام ،م2003 إذ أحـبـطـت الـسـلـطـات الـبـحـريـنـيـة مخططًا إرهــابــيــًا دعـمـتـه إيران لتنفيذ مجموعة عمليات إرهابية وتفجيرات في مملكة البحرين. وألقت السلطات القبض على عناصر الخلية اإلرهابية، وأثبتت التحقيقات أن أعـضـاء الخلية تلقوا دعـمـا مـن الـحـرس الثوري اإليراني، ومن حزب الله اللبناني. كما تم ضبط خاليا مماثلة في الكويت، واإلمارات في أوقات متفرقة. وفــى عــام م2003 دعمت إيــران عناصر شيعية عراقية لتشكيل أحـــــزاب وجــمــاعــات مــوالــيــة لــنــظــام طـــهـــران، وقــــد تـــورطـــت هذه الـتـنـظـيـمـات فــي مـقـتـل 4400 جــنــدي أمــريــكــي، وعــشــرات اآلالف من العرب السنة، وقد ألقى السفير األمريكي السابق في العراق جيمس جيفرى باملسؤولية في مقتل العسكريني األمريكيني على «جماعات تدعمها إيران مباشرة». وفى عام ،2006 أكـدت واشنطن أن إيــران دعمت «طالبان» ضد الـــقـــوات األمــريــكــيــة فــي أفــغــانــســتــان، وتــولــت تـسـلـيـح جماعات تختلف معها عـرقـيـا وطـائـفـيـا بـهـدف ضــرب الــوجــود األمريكي على حدودها. وقالت واشنطن أن النظام اإليراني خصص مكافأة 1000 دوالر عن قتل كل جندي أمريكى في أفغانستان. وكــان ضروريا أن تتخذ أمريكا موقفًا من نظام طهران، فأصدر مجلس الشيوخ األمريكي قــرارا بــإدراج الحرس الثورى اإليراني كمنظمة إرهابية. وهو نفسه ما فعله الرئيس األمريكي األسبق جــــورج بـــوش االبــــن، والــكــونــجــرس األمــريــكــى عـــام م2007 عقب هجمات 11 سبتمبر. ولـــم تـقـف املــمــارســات اإلرهــابــيــة اإليــرانــيــة ضــد املـمـلـكـة العربية السعودية، فتورطت عام 2011 في اغتيال الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني فـي كـراتـشـي. وفــى نفس الـعـام نجحت سلطات األمن األمريكية في إحباط محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وأثبتت التحقيقات األمريكية تــورط النظام اإليراني فــي الــحــادث اإلرهـــابـــي، وكـشـفـت الـشـكـوى الجنائية فــي املحكمة االتــحــاديــة فــي نــيــويــورك عــن تـــورط كــل مــن مـنـصـور أربابسيار الذى تم القبض عليه وصدر ضده حكم بالسجن 25 عاما، وغالم شكوري الضابط بالحرس الثوري اإليراني واملتواجد في طهران واملطلوب للقضاء األمريكي. ولـــم تـقـف الـعـمـلـيـات اإلرهــابــيــة املــدعــومــة مــن إيــــران عـنـد حدود التفجيرات واالغتيال وتعدتها إلـى الهجمات اإللكترونية. وفى الــعــام م2012 شــن قــراصــنــة تــابــعــون لـلـحـرس الــثــوري اإليراني هــجــومــًا إلــكــتــرونــيــًا عــلــى شــركــات الــنــفــط والـــغـــاز فــي السعودية والخليج. وهي الهجمات التي وصفها ليون بانيتا وزير الدفاع األمريكي وقتها بأنها األكثر تدميرًا، كما قالت عنها إدارة الرئيس األمريكي السابق أوباما «ندرك أن هذا عمل الحكومة اإليرانية». وفى عام م2012 تم اإلعالن عن إحباط مخطط الغتيال مسؤولني ودبــلــومــاســيــني أمـريـكـيـني فــي بــاكــو الـعـاصـمـة األذريــــــة، بمعرفة عناصر جماعة شيعية مدعومة مـن إيــران وتتلقى أوامــرهــا من الحرس الثوري اإليراني. ولعلنا جميعا نتذكر قضية خلية العبدلي الشهيرة فــي دولة الكويت، والتي أصــدرت محكمة الجنايات الكويتية فيها حكما باإلعدام على اثنني من املدانني فيها؛ أحدهما إيراني. بعد ثبوت اتهامهم بالتخابر مع إيــران وحــزب الله للقيام بأعمال عدائية، وارتـكـاب أفعال من شأنها املساس بوحدة وسالمة أراضــي دولة الكويت. ويشتهر النظام اإليراني بأنه أكبر موزع في العالم ملتفجرات IED التي تستخدم لتفجير العربات املدرعة وقد تسببت هذه املادة في قتل العديد من القوات الدولية في العراق. وليس أدل على تـورط إيــران في دعـم اإلرهــاب من اعتراف محمد على جعفري بوجود 200 ألف مقاتل إيراني في سوريا، والعراق، وأفــغــانــســتــان، وبــاكــســتــان، والــيــمــن. فــهــل يـمـكـن أن يــكــون هؤالء املقاتلون رســل ســالم، وعـوامـل أمــن واسـتـقـرار فـي أي بلد يحلون به؟ هذا بعض من كثير من الحوادث اإلرهابية والهجمات التي تبنتها إيــران ودعمتها باملال، والـسـالح، والتدريب، والتخطيط، واإلشراف تارة، ومشاركة عناصر من رجالها مباشرة تارة أخرى. إال أن ضيق املـسـاحـات لــم يــدع مــجــاال لـذكـر مــا تبقى منها. لكن «إيـــران الـشـريـفـة»، بحسب وصــف الــوزيــر الـقـطـري، تـورطـت فيما هـو أكـثـر مـن ذلــك. فأينما حلت البعثات الدبلوماسية اإليرانية تعمل على تشكيل شبكات تجسس وتنظيمات مدعومة لتنفيذ عملياتها اإلرهــابــيــة. وقــد تــوالــى الـكـشـف عــن شـبـكـات التجسس اإليــرانــيــة فــي الـسـعـوديـة عـــام ،م2013 والــكــويــت عــامــي ،م2010 .م2015و وفى البحرين عـامـى0102م، .م2011و وفى كينيا عام .م2015 وفى مصر أعوام ،م2005 و8002م، .م2011و وفى األردن عام .م2015 وفى اليمن ،م2012 واإلمارات .م2013 وتركيا2102م. ونيجيريا .م2015 ويـحـفـل الـسـجـل اإليـــرانـــي بـانـتـهـاكـات مــتــعــددة ومــتــكــررة لحرمة وحصانة البعثات الدبلوماسية على أراضـيـه. ذلـك السجل الذى يضم بــني صفحاته وقــائــع عــديــدة، لعل أبــرزهــا اقـتـحـام السفارة األمـريـكـيـة عــام م1979 واحـتـجـاز دبلوماسييها ملــدة 444 يومًا. ثم االعـتـداء على السفارة السعودية عـام .م1987 تـاله وفـى نفس العام االعتداء على السفارة الكويتية. ثم السفارة الروسية .م1988 واالعتداء على الدبلوماسي الكويتي عام .م2007 وسفارة باكستان .م2009 والسفارة البريطانية .م2011 وأخيرًا االعتداء على السفارة السعودية وقنصليتها في مشهد ،م2016 ولم يوفر النظام اإليراني الحماية للبعثة الدبلوماسية السعودية. ودخــل رجــال مـن األمن اإليراني إلى مباني البعثة الدبلوماسية السعودية ونهبوها. والـحـقـيـقـة أن املـمـلـكـة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة لــم تـكـن الــدولــة األولى التي اضـطـرت لقطع عالقتها مـع النظام اإليــرانــي بعد محاوالت عــديــدة إلثـنـائـه عــن الـتـدخـل فــي شـــؤون املـمـلـكـة، وعــن الـعـمـل على زعزعة االستقرار في دول املنطقة، وإجباره على احترام حصانة البعثات الدبلوماسية، وتوفير األمن الالزم ألعضائها، فقد سبقت الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا دول العالم في اتخاذ هذه الخطوة. كما اتخذت كندا، والجزائر، وتونس، ومصر، واملغرب، واليمن، قرارات مماثلة في وقت سابق. وأخيرًا انضمت البحرين، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وجزر القمر املتحدة، إلى قطار قطع الـعـالقـات الدبلوماسية مـع طــهــران، كما اتـخـذت دول أخرى خــطــوات أقــل درجـــة بسحب سـفـرائـهـا مــن طــهــران احـتـجـاجـا على التدخل في شؤونها والعمل على زعزعة استقرارها. والـــغـــريـــب أنــــه فـــي الـــوقـــت الـــــذى تــتــعــرض فــيــه املــمــلــكــة العربية السعودية ودول املنطقة لهجمات إرهابية متفاوتة من تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، لم تتعرض إيران ألية هجمات من التنظيمني اإلرهابيني وكأنما تعيش بمعزل عن املنطقة، أو كأنها من منطقة أخرى. ثم إن املنطقة العربية عاشت مئات السنني ال تعرف الطائفية، وال التنظيمات اإلرهــابــيــة، وال الـنـزعـات العرقية حتى قـامـت الثورة اإليرانية عام .م1979 فعمد النظام الجديد فيها إلى التدخل في لـبـنـان، والـيـمـن، وســوريــا، والــعــراق، حتى أن وزيـــر االستخبارات اإليرانية يتشدق بأن إيران نجحت في احتالل أربع عواصم عربية. وبالتدخل في سوريا، ودعم نظام بشار األسد بقوات من الحرس الـثـوري، و«فيلق الـقـدس»، وميلشيات «حـزب الله» اللبنانية رغم تورط هذا النظام في قتل أكثر من ربع مليون سوري، وتشريد 12 مليونا آخرين. وال يتوقف النظام الحاكم في إيران عن توزيع االتهامات الكاذبة واملضللة على دول املنطقة، ويختص اململكة العربية السعودية بالجزء األكـبـر منها. فيرميها بـاألكـذوبـة تلو األخـــرى، لكن تظل عناية الله مع اململكة تؤكد براءتها من التهم الباطلة واألكاذيب امللفقة. فمرة تدعي إيران أن قوات التحالف العربي قصفت السفارة اإليرانية في اليمن وتأتي الصور لتفضح الكذابني، وتارة تختلق أقاويل مضادة للشيعة وتنسبها لواحد من أئمة الحرم، وتدحض الخطب املوثقة صوتا وصــورة تلك االدعــــاءات. ومــرة تصف نمر الـنـمـر بــأنــه نــاشــط ســيــاســي، رغـــم إدانــتــه قـضـائـيـا مــع 46 آخرين باإلرهاب، وبتكوين خلية إرهابية خططت ونفذت أعماال إرهابية أدت إلى مقتل العديد من األبرياء، كما أثبتت التحقيقات القضائية تــورطــه ورفــاقــه فــي شــن هجمات على رجـــال األمـــن والتستر على مطلوبني للعدالة. وقد حاولت إيران الوقيعة بني اململكة العربية السعودية واملجتمع الــدولــي حينما ادعـــت أن اململكة تــعــارض االتــفــاق الــنــووي الذى أبرمته الـدول الكبرى مع إيـران، واملراجع للموقف املعلن لحكومة خادم الحرمني الشريفني سيجد أن اململكة العربية السعودية أعلنت منذ اليوم األول تأييدها ألي اتفاق يحول دون حصول إيران على السالح النووي، وأيدت أن يشمل االتفاق آلية تفتيش صارمة، مع التأكيد على إمكانية العودة لتطبيق العقوبات في حالة انتهاك االتفاق. وهذا املوقف أثبتته الواليات املتحدة األمريكية ودعمته، وأكدت عليه. ونظرة على الداخل اإليراني فإن املجتمع الدولي، واألمم املتحدة، والعديد من منظمات العمل املدني أدانـت النظام اإليراني بسبب انتهاكاته املمنهجة لحقوق اإلنسان. وقد أثبتت عدة تقارير دولية تبني النظام في إيـران عقوبة اإلعــدام ألتفه األسباب، ووفقا لهذه التقارير فإن عام م2015 وحده شهد أكثر من ألف عملية إعدام، من ضمنها إعـدام 27 عاملًا دينيًا، بواقع ثالث حاالت إعـدام في اليوم الواحد. كما تنتهك إيران حقوق األقليات على أراضيها بمن فيهم األحواز العرب، واألكراد، والبلوش وتمنعهم من ممارسة شعائرهم وحقوقهم املـدنـيـة. واملـشـهـور أيـضـا عـن الـنـظـام فـي طـهـران أنــه ال يحمي رجاله وعمالءه. بل يعمد إلى تصفيتهم حتى ال يفتضح أمــر الـتـورط اإليــرانــي فـي العمليات اإلرهـابـيـة التي يتم تكليفهم بها، وكان آخر هذه العمليات تصفية أحد املتورطني في تفجيرات الخبر. ليست الـسـعـوديـة هــي الــتــي تتهم إيــــران بـــاإلرهـــاب، ولـيـسـت دول املنطقة هــي الــتــى تتجنى عـلـى «الــدولــة الـشـريـفـة» الــتــي يدعيها الوزير القطري، فإدانات املنظمات الدولية سبقت الجميع في إدانة النظام اإليراني. فجميع قرارات الجامعة العربية أدانت إيران بقوة ودعتها للكف عن التدخل في شــؤون دول املنطقة، وآخـرهـا قرار املجلس الــــوزاري غير االعـتـيـادي فـي اجتماعه األخـيـر فـي يناير املــاضــي. وتــقــريــر الجمعية الــعــامــة لــألمــم املــتــحــدة رقـــم 411/70 الصادر في 6 أكتوبر 2015 أدان النظام اإليراني بدعم اإلرهاب، وانـتـهـاك حـقـوق اإلنــســان. وتنتهك إيـــران قـــرار مجلس األمـــن رقم 2216 الــخــاص بــاألزمــة اليمنية والـــذي يحظر تــزويــد الحوثيني بالسالح في اليمن. ثم إن إصرار إيران على االستمرار في احتالل الــجــزر اإلمــاراتــيــة الــثــالث (طـنـب الـكـبـرى، وطـنـب الـصـغـرى، وأبو موسى) رغم توالي اإلدانـات الدولية لهذا االحتالل دليل آخر على أن إيران ال تدخر لهذه املنطقة أي خير. لـقـد مـــدت املـمـلـكـة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة يــد الــســالم إلـــى الــنــظــام في طـهـران منذ قـيـام الــثــورة اإليـرانـيـة. ودعــت حـكـام إيـــران إلــى تبني سياسات حسن الـجـوار، واحـتـرام سيادة الــدول وعــدم التدخل في شؤونها، إال أنها لم تجد من طهران إال أكاذيب وممارسات عدائية، واتجهت إيـران إلى إشاعة الفنت الطائفية واملذهبية، والتحريض والقتل والتدمير. وعلى إيـران أن تحدد إن كانت تحترم القوانني واملعاهدات الدولية، وتحترم جيرانها، وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية، أم أنها تصر على اتباع سياسة تصدير الثورة. فإذا ما أرادت إيــران التحلي بلغة العقل، فعليها أن تثبت حسن النوايا بـالـتـوقـف الــفــوري عــن دعــم اإلرهــــاب والــتــدخــل فــي شـــؤون الغير. وساعتها ستجد إيران كل خير من اململكة العربية السعودية، ومن دول الجوار، ومن العالم أجمع. وبعد، فتلك أيها السيد سلطان املريخي مجموعة من الحقائق حول دولة «إيران الشريفة» كما وصفتها. وال أظنك تجهل تلك الحقائق وال حتى تستطيع أن تنفي أيًا منها. وأعتقد أنك يجب أن تخجل من نفسك على هذا الوصف الذى يجافي الحقيقة والواقع. والذي أثار استهجان كل من سمعه. وعليك أن تدعو بالدك إلى تغيير موقفها حيال الـقـرارات املتعلقة بإيران والتي تصدرها الجامعة العربية وتدين ما تقوم به طهران ضد الدول العربية لتصبح مؤيدة ألفعال إيران بدال من شجب أفعالها العدوانية وأعلم أن املجتمع العربي والدولي يالحظ جيدا تناقض املوقف القطري بوضوح بني تأييد قرارات الجامعة.. ثم وصف إيران بالشريفة!، إن الحقائق ال يمكن تجاهلها أو إنكارها يا معالى الـوزيـر، واملـواقـف العادلة تحظى باحترام الجميع.
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺎﺷﺖ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ، ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ، ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺰﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻋﺎﻡ ﻡ1979
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻭﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻬﺠﻤﺎﺕ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻤﻲ »ﺩﺍﻋﺶ« ﻭ»ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ«، ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻷﻳﺔ ﻫﺠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﻦ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ