Okaz

شبيه األم!

-

يـغـلـب عـلـى كـثـيـريـن حــن يـتـحـدثـو­ن عن الوطن تشبيهه باألم. فــــــاأل­م لــيــســت مـــجـــرد صـــــدر حــــــان وقلب رؤوف، األم أكبر من ذلـك بكثير، األم هي الــخــيــ­مــة الــتــي يــفــيء إلــــى ظــلــهــا األبناء، وهـي املــورد العذب الـذي ينهلون منه ما يــروي ظمأهم ويسكت جوعهم، األم هي مركز الحماية واألمن، في حضنها يتبدد الــفــزع فـيـسـري دفء األمــــان فــي العروق، األم هي مصدر املعرفة، كلما استغلق أمر كان عندها التفسير والتعليل، واألم هي السند الــدائــم وقــت الــشــدة، ال تتخلى وال تتذمر، كلما استعصت حاجة كان سلمها جاهزا للتسلق فوقه لبلوغ ما استعصى. ثــم إن األم مــع كــل ذلــك الــعــطــ­اء، ال تعرف املن، وال تنتظر حمدا وثناء، فهي تفعل ما تفعل بدافع الحب ليس إال، تجد سعادتها فيما تفعله مـن أجـل أبنائها، غايتها أن تـــراهـــ­م أمــامــهـ­ـا ســـعـــدا­ء أعــــــزا­ء، لــذلــك هي تنأى بهم عن اإلذالل باملن عليهم أو توقع الحمد والشكر منهم. بـعـد هـــذا، هــل مــن عـجـب أن شـبـه الناس أوطانهم باألم؟ فــالــوطـ­ـن كــمــا يــعــرفــ­ه غــــازي الـقـصـيـب­ـي - رحــمــه الــلــه، «هــو رغــيــف الـخـبـز والسقف والشعور باالنتماء والـــدفء واإلحساس بالكرامة». لـقـد قـيـل الـكـثـيـر مــن الــتــغــ­زل فــي الوطن، فالوطن «أجمل أراضي الدنيا»، و«أجمل قصيدة في ديوان الكون»، وهو «بوصلة الباحثن عن االتجاهات»، و«سند من ال سند لــه»، وغير ذلـك من األقــوال اململوءة حبا وامتنانا للوطن، لكن أجمل ما قيل فـــي حـــب الــــوطــ­ــن، مـــا قـــالـــه جـــــال عامر: «قـد نختلف مع النظام لكننا ال نحتلف مـــع الــــوطــ­ــن، ونــصــيــ­حــة أخ، ال تــقــف مع (مــيــلــي­ــشــيــا) ضـــد وطـــنـــك، حــتــى لـــو كان الـــوطـــ­ن مــجــرد مــكــان تــنــام عــلــى رصيفه لــيــا». وأيــضــا مــا قـالـه محمود درويش: «لــيــس وطــنــي دائــمــا عــلــى حـــق، لـكـنـي ال أستطيع أن أمـــارس حقا حقيقيا إال في وطني». فــالــوطـ­ـن مـهـمـا ســــاءت الــحــال فــيــه، يظل مــكــانــ­ه مـــــلء الـــعـــن والـــقـــ­لـــب، كــمــا يقول شاعرنا القديم: «وتستعذب األرض التي ال هـــوى بــهــا،، وال مــاؤهــا عـــذب، ولكنها وطن!». يـــوم أمـــس احـتـفـلـن­ـا بــبــلــو­غ وطــنــا العام الـــســـا­بـــع والـــثـــ­مـــانـــن لـــوحـــد­تـــه، فللوطن وأبنائه أجمل التهاني. ولعل أول من يستحق تهنئتنا وشكرنا وامـتـنـان­ـا، جـنـود الــوطــن املــرابــ­طــون على حـــــــــ­ــدوده، يــحــمـــ­ونـــهـــا ويـــــصــ­ـــدون عنها الــنــواز­ل، فاللهم مــن عليهم بالنصر من لــدنــك، واجـــزهــ­ـم عــن الــوطــن وأهــلــه خير الـــجـــز­اء بــمــا قـــدمـــو­ا ويـــقـــد­مـــون مـــن عمل صالح. واللهم احفظ وطننا عزيزا مجيدا آمنا، وأعنا على العمل املخلص الجاد من أجل نموه ورفعته وتقدمه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia