مسلسل التأمني الصحي
بـــدأ مـسـلـسـل الــتــأمــن الــصــحــي الــــذي تــعــاقــب على إدارة ملفه أكثر من ثمانية وزراء قبل أكثر من ربع قرن، ففي عهد الدكتور عبداملجيد شبكشي لم يكن الـنـظـام مـطـروحـا بـهـذه الــصــورة، وكــان يـشـار إليه أحيانا وبشكل مقتضب باعتباره تحت الدراسة، وفــــي عــهــد الـــدكـــتـــور حــمــد املـــانـــع الـــــذي كــــان أكثر وزراء الصحة حماسا لتطبيقه كــان الـنـظـام على وشـك التطبيق حسب التصريحات الرسمية التي كانت تشير آنـذاك إلى أن النظام سوف يطبق على الـسـعـوديـن عــام 2007 م، مــن بـعـده كــان الدكتور عــبــدالــلــه الــربــيــعــة الـــــذي ركــــن املــلــف جــانــبــا وكان قـــراره بالتريث وإعـــادة تقييم الـنـظـام، ومــن بعده جاء الدكتور توفيق الربيعة الذي تعاطى مع هذا النظام من زاوية مهنية ورأى أن إعادة هيكلة هذا الــقــطــاع وتــخــصــيــص خــدمــاتــه وتــســويــة أرضيته مسألة تسبق تطبيقه وهو محق بذلك. ثمة أربعة وزراء صحة آخرون جاء ت فترة توزيرهم ساقطة بن الربيعة والربيعة ال يمكن إسقاطهم من قائمة الــــوزراء الــذيــن تــداولــوا هــذا املـلـف تاريخيا فـتـرة تـوزيـرهـم، لكن فـتـرة كـل منهم لـم تكن كافية لتقييم دورهم في مسيرة هذا النظام. وفي اعتقادي أن نجاح هذا البرنامج أمس واليوم وغـدا اليعتمد على الخطة أو التنفيذ أو التشغيل رغم أهمية كل منها، بقدر ما يعتمد على الرؤية أوال وثانيا وثالثا ألنها حمالة أوجه وذات ميزان دقيق جدًا في إدارة دفة هذا املشروع وتوجيه بوصلته، فهل الهدف هو نقل وتطبيق تجربة الدول املتقدمة وحسب، أم تحسن الخدمات الصحية في البالد، أم تخفيف العبء عن القطاع الحكومي بالهرولة نحو التخصيص وترشيد نصيب املــواطــن مـن فاتورة الخدمات الصحية على الخزينة العامة؟ إلى آخر هذه الخيارات ووزنها النسبي في رؤيـة املشروع، قـل لـي مـاهـي رؤيــتــك؟ أقــول لـك مــاذا سيكون عليه حال املشروع! وفــــي كـــل األحــــــوال فــــإن تـطـبـيـق الــتــأمــن الصحي اليعني حــال سحريًا للقطاع كما يتوهم البعض، بل ربما يجر معه مشاكل أخرى إذا لم تكن البيئة الصحية واالجـتـمـاعـيـة مـنـاسـبـة، كـمـا ال يعني أن إمــكــانــيــة تـطـبـيـقـه مــتــاحــة بـــقـــرار حــكــومــي وبهذه الـسـهـولـة بالنسبة لـواقـعـنـا الـصـحـي املـعـقـد الذي يختلف قطعا عــن غـيـره مــا لــم يتم تفكيك هياكل هــذا الـقـطـاع وإعـــادة إنتاجها مــن جـديـد وفــق قيم مؤسسية ومعيارية جديدة.