«به لي» تتصدر.. هل يطلق االستفتاء «حرب الكل ضد الكل»؟
«لقد تساء ل البعض في اإلعالم العربي، ملاذا كانت الديموقراطية الحقيقية في الشرق األوسط متواجدة فقط فيما يسمونه زعمًا األراضــي املحتلة، من العراق وفلسطني، كونوا على ثقة من أن مصدرا مهما من مصادر إلهام هذ الشعوب يأتي من العراق، الـذي وقف أبناء شعبه في وجه التهديدات بالقتل من أجل أن يدلوا بأصواتهم في ثالثة انتخابات جرت، لقد أعلنوا بصوت واحد أن إرداة الشعوب هي من تحدد مستقبل العراق.. هذا ما قالته كونداليزا رايس وزيـرة الخارجية األمريكية السابقة في خطابها أمام لجنة العالقات األمريكية اإلسرائيلية في 23 مايو عام ،2005 والــذي كرست فيه مشروع الشرق األوســط الجديد، فضال عن تصريحاتها عن الشرق األوسط الجديد والذي تبنت فــيــه مــفــهــوم «الــفــوضــى الــخــالقــة»، خـــالل لـقـائـهـا مــع صحيفة «واشنطن بوست» في ذات العام، إذ أعلنت أن واشنطن ستلجأ إلـى نشرها في الشرق األوســط إلشاعة الديموقراطية- بحسب تعبيرها-. والسؤال اآلن بعد االستفتاء التاريخي في كردستان، هل نحن فعال أمام الفوضى الخالقة من جديد؟ وهل نحن أمام ما يسمى «الشرق األوسط الكبير»؟، وهل ستصمد العراق وإيران وسورية بعد اسـتـقـالل كــردســتــان؟، أم سيشهد املثلث الــســوري العراقي اإليراني ما يسمي بـ «حرب الكل ضد الكل». ثـمـة مــن يـتـحـدث عــن حــرب أهـلـيـة كــرديــة، وعــن صـــراع عـربـي - كــردي، يضاف إلـى الـصـراع السني - الشيعي. وثمة من يعتقد أيـضـا أن «كــردســتــان الـصـغـرى» نقطة االنــطــالق نـحـو خريطة جــديــدة ملنطقة تـمـر بـمـرحـلـة غـيـر مـسـبـوقـة مــن الــتــوتــر.. فيما تعتقد بــغــداد ودمــشــق وطــهــران أن «كــردســتــان الـصـغـرى» هي بداية «كردستان الكبرى» متضمنة ما تبقى من أكراد في هذه الدول لضبط حركة الشرق األوسط، ومنع انزالق املنطقة إلى ما وصفه الفيلسوف اإلنجليزى توماس هوبز: «حــرب الكل ضد الكل».. هذه الحرب التي ستطلقها إيران على األكراد وستدعمها كـل مـن سـوريـة وتركيا للحفاظ علي وحدتهما واستقاللهما، رغم أن سورية لم تعد مستقلة، بل مقسمة نظريا وعمليا.. ما بعد االستقالل.. كيف سيعيد «البشمركة» أو «الذاهبون إلى املـــوت»، أو «الـفـدائـيـون» تشكيل قواتها ملواجهة هــذا الثالوث. مــن املــؤكــد أن أمـريـكـا وإســرائــيــل لــن تـتـركـا كـردسـتـان املستقلة بمفردها وستتقدمان الــدول ملساعدتها إلعــداد قـواعـد الدولة الجديدة لالستفادة من نفطها وثـرواتـهـا، وحتى تكونا ليس لهما فقط موطأ قــدم، بـل حضور وتأثير كبير، خصوصا في ضوء ما كشف عنه موقع «األبحاث الدولية اإلستراتيجي»، من أن إسرائيل باتت جاهزة إلرسال 200 ألف من اإلسرائيليني ذوي األصول الكردية إلى كردستان، وهو ما سوف يساهم حتما في تغيير الديموغرافية السياسية. ومـن املتوقع أن تسفر نتائج االستفتاء عن «به لي» وتعني «نعم» بالكردية. الـحـدث فـي كردستان لـم يسدل عنه الستار بـعـد.. وربـمـا يكون الــقــادم مــن املــفــاجــآت أكــبــر مــن إمـكـانـيـة اســتــيــعــابــه.. فلننتظر ونرى.