على جنب (يا حرمة)
أخيرا جرت الحياة في مناكبها.. فقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة هو األمر الطبيعي الذي تعنت املجتمع في قبوله لزمن طويل حتى غدت هذه القضية من (أعــوص) القضايا التي لم يجتزها القرار السيادي منذ ظهورها.. وتضخمت القضية لدرجة أنها تحولت إلى سؤال شائك يواجه به كبار الشخصيات القيادية في املحافل الدولية، فظل سؤال: ملاذا ال تقود املرأة السعودية السيارة؟ وكانت هناك إجابة حاضرة لدى أي مسؤول يجابه بمثل ذلك الـسـؤال والــذي مـفـاده أن قـيـادة املــرأة للسيارة قــرار مجتمعي متى استشعر املجتمع حاجته ألن تقود املــرأة السيارة سوف يأتي القرار السيادي مشرعنًا لقرار املجتمع. وألنها قضية شابت على قنوات وسائل اإلعالم لشدة تداولها بني مؤيد ومعارض حتى أن املتابع لها من خارج البالد كان يسخر من الكتاب السعوديني الذين أفنوا جل أوقاتهم منافحني من أجـل تمرير قــرار السماح، ولـم يكن أولئك الساخرون على علم بما يمثله قرار السماح من أهمية كبرى بتجاوز العادات والتقاليد التي احتلت موقع التحريم الديني وأن قرار السماح هو انتصار للعقلية املدنية.. وألن الــســمــاح جـــاء مـلـبـيـا لــشــرائــح كــبــيــرة فـــي املــجــتــمــع فقد كانت الفرحة غامرة دللت عليها الكثافة املهولة من التهانئ والتبريكات التي اجتاحت مواقع التواصل االجتماعي ألن في ذلك انفراج مشكلة اقتصادية واجتماعية وأخالقية.. وعندما بدأت مقالتي بجملة: - أخيرا جـرت الحياة في مناكبها لم يكن إال تعبيرا مجازيا عن اجتياز تعنت اعترض قرارا اجتماعيا ليس له عالقة بأي مــحــرم واجــتــيــاز هـــذا األمـــر يــدلــل عـلـى أن الــحــيــاة تـسـيـر وفق احتياجاتها مهما وقـف املعارض ضد حركية الحياة.. وكما قلت سابقا ســوف يتحول قــرار منع قـيـادة املــرأة للسيارة من ذكــريــات الــتــاريــخ الـــذي ســوف يــأتــي زمــن ونـضـحـك مـنـه ومن املعارضني لقيادة املـرأة للسيارة، ومن اآلن أيضا أقـول إن من كان يقف معارضا لهذا القرار سوف نشاهده في الغد (يرمح) طــول الــبــالد وعـرضـهـا الســتــخــراج رخــصــة قــيــادة لـزوجـتـه أو ابـنـتـه... وهــذا املـوقـف شهد عليه التاريخ فـي عـشـرات املواقف التي كانت في حكم املحرمات. وإذا كــان هـنـاك مـن مالحظة لفرحة الشعب بالسماح للمرأة بالقيادة فيمكن الـقـول إن مجتمعنا انتقل مـن خانة املتلقي للنكتة إلى صانع لها، فقد أثبت األزمات االجتماعية العديدة املــتــالحــقــة أن الــشــعــب تـــحـــول إلــــى مــصــنــع لــصــيــاغــة النكتة وتعميمها، وقد ساعدت وسائل التواصل في ضخ ذلك النكات الــســاخــن.. وليلة أمــس كـانـت ليلة الضحك مما ســوف يحدث للمرأة من مواقف طريفة أثناء القيادة. عــد نـائـب أمـيـر منطقة جـــازان األمــيــر محمد بن عــبــدالــعــزيــز بـــن مــحــمــد بـــن عــبــدالــعــزيــز القرار تــاريــخــيــا، وتــأكــيــدًا لــلــرؤيــة الـحـكـيـمـة لقيادتنا وحرصها وعملها الدائم على توفير كل ما فيه خـيـر لـلـوطـن واملـــواطـــن. وأكـــد أن الــقــرار سيمكن املرأة من القيام بدورها املهم ومشاركتها الفاعلة فــي دفــع عجلة التنمية فــي وطـنـنـا الـعـزيـز وفق الضوابط الشرعية، واسـتـمـرارًا ملسيرة اإلصالح في اململكة التي تشكل املــرأة جـزءا رئيسيا فيها من أجل املشاركة لجميع أبناء وبنات الوطن في التنمية دون أن يتنافى ذلك مع االلتزام الشرعي واألخالقي، ما يبرز الدور الكبير لخادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولـــــي عــهــده فـــي الــحــفــاظ عــلــى ثـــوابـــت اململكة املـسـتـنـدة عـلـى تـعـالـيـم اإلســــالم واالســتــمــرار في مسيرة اإلصالح على األصعدة كافة.