Okaz

«ترجمة» األدب.. جتربة مبهرة.. ركيكة.. أم متاجرة؟!

استفهام تباَين حوله النقاد.. وبعضهم اعتبرها مشكلة دور نشر

- طالب بن محفوظ (جدة) @okaz_online

ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺣﻮﻝ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ، ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻋﺘﺒﺮﻫﺎ »ﻣﺒﻬﺮﺓ« ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻧﻬﺎ »ﻣﺘﺎﺟﺮﺓ«، ﺇﺫ ﻳﺸﻴﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺠﻪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻘﺪﺭﺍ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺰﻋﺞ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻟﻜَّﺘﺎﺏ ﻏﺮﺑﻴﻴﻦ ﻣﻐﻤﻮﺭﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﻻ ﻳﺤﻈﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ. ﻓﺌﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺭﺃﺕ ﻭﺟﻮﺩ ﺿﻌﻒ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺇﺫ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻧﻬﺎ »ﺭﻛﻴﻜﺔ« ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻷﺩﺑﻲ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺜﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﺗﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺮﺍﻗﺒﻴﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ »ﻣﺒﻬﺮﺓ«، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺴﺎﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻮﻟﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﻟﻤﻴﺰﺍﻧﻴﺎﺗﻬ­ﺎ، ﺃﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻭﺿﻌﻔﻬﺎ. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻋﺪﺓ ﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻣﺎﺕ ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﻗﺪ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ:

يرى نقاد أن الترجمة األدبية إلى العربية اليوم تغيرت، ويعد آخرون ميالد الـجـائـزة العربية لـــأدب الـعـربـي أحــد الـتـحـوال­ت فــي خريطة ترجمة األدب العربي، وساهمت بعض األحــداث السياسية مثل هجمات 11 سبتمبر في ازدياد االهتمام باألدب العربي املترجم. وكــان تقرير أعدته منظمة «أدب عبر الـحـدود»، أشــار إلـى الحاجة املستمرة لـتـمـويـل ودعـــم تـرجـمـة األدب الــعــربـ­ـي ونــشــره، ســـواء مــن جــهــات خــاصــة أو حكومية.

مشكلة نشر

من جهته، يشير أستاذ األدب اإلنجليزي واملترجم الدكتور محمد عناني، أن املشكلة اآلن ليست مشكلة ترجمة، كما يقول الكثيرون، وإنما هي مشكلة نشر، فهناك جهد كبير للمترجمني، واملشكلة في تضارب جهات النشر املنوط بها نشر الكتب على أوسع نطاق، فدور النشر الخاصة تسعى للربح وهذا من حقها.. فأين دور النشر الحكومية ودور النشر األجنبية؟ وأكـد عناني حيرة املترجمني في اختيار ما يناسب أذواق اللغة األصلية من أعمال أجنبية، لذلك يحاولون االرتقاء بلغة الترجمة حتى تضارع اللغة األصلية ويوحي لأدباء بأنواع أدبية جديدة. وأضاف: «أدب كل أمة ال يقتصر على األدب املكتوب أصال باللغة القومية بل يتضمن األدب املترجم، فاألدب املترجم إلى العربية يمثل رافدا يصب في النهر األساسي لأدب العربي، وقد يؤثر فيه أوال ويتأثر به في اختيار األعمال املترجمة».

أزمة أدبية

من جهة ثانية، يؤكد األديب والروائي السوداني أمير تاج السر، أن أدباء غربيني مستغربون بشدة من عدم انتشار األدب العربي في الغرب، أسوة باآلداب األمريكية واألفريقية واآلسيوية، خصوصا أن األدب العربي، كما يرى أدباء غربيون، أدب عريق قدم فيه العرب آدابا فيها الكثير من الخيال والطقوس والحكم. وأضـاف تاج السر أن «املؤسسات املقتدرة التي تعمل على ترجمة ونشر أعمال لكتاب غربيني، ملاذا ال تعكس نشاطها، أو على األقل تسخر جزء ا من هذا النشاط، في دعم الترجمة من العربية إلى لغات أخرى، وتقوم بالدعاية خارجيا بنفس

الحماس ونفس القوة». وأوضــــــ­ــــــــــ­ــح: «مـــــــــ­ـا نقوله بـــاســـت­ـــمـــرار فــــي كــــل محفل يتطرق إلى أزمة األدب العربي في مواجهة اآلداب األخرى، هو أنــنــا مـهـتـمـون بشكل كبير بنقل اآلخـر إلـى ثقافتنا العربية، ناسني دائـــمـــ­ا أن نــنــقــل ثــقــافــ­تــنــا إلــــى اآلخر بشكل جاد، بعيدا عن املحاوالت الفردية املفتقرة للدعم املؤسسي». وأضاف: «ما ينتجه اآلخر البعيد مقدر بشكل مزعج لدينا ومفروض على مؤسساتنا املقتدرة، الـتـي تسعى إلــى ترجمته بـصـورة كـبـيـرة، ونشره بطريقة محترمة، وتسخير كل وسائل اإلعالم ملؤازرة انتشاره، بينما ما نكتبه حتى بلغتنا العربية ال يحظى بهذا االهتمام املبالغ فيه، وإنما هو اهتمام بسيط معظمه نابع من الصداقات والعالقات العامة التي يملكها البعض وال يملكها البعض اآلخر، ويمكن ببساطة أن تميت موهبة في مهدها وال يظهر كاتبها في الوجود الثقافي أبدا، وتحيي ما أسميها ال موهبة لدى آخر». وأوضح: «ذلك كفيل بأن يلغي فكرة الطمر عن األدب العربي، ويجعله يحتل مكانته وسط آداب الشعوب األخرى، ومستقبال لن يدعي ناشر أنه يغامر إذا ما قام بنشر كتاب مترجم لكاتب عربي، وأيضا يحفز املستشرقني املهتمني، لترجمة أجيال أخرى من الكتاب العرب، غير تلك التي اهتموا بترجمتها سابقا».

سلعة ال ترجمة

من جهة أخرى، يوضح الباحث والكاتب والشاعر البحريني سلمان الحايكي بــالــقــ­ول: «لــقــد تــعــرفــ­ت عــلــى الـكـثـيـر­يـن مــن األجـــانـ­ــب واإلنــجــ­لــيــز عــلــى وجه الخصوص ممن يعشقون اإلنتاج العربي في الشعر والرواية، يكيلون املدح لبعض الكتابات العربية في الرواية والقصة والشعر املترجمة إلى لغاتهم، لكننا حينما نقرأ رواياتهم وشعرهم وإنتاجهم األدبــي مترجما إلى اللغة الـعـربـيـ­ة نـشـعـر بــعــدم االرتـــيـ­ــاح، وأحــيــان­ــا ال نـكـمـل الـــقـــر­اءة لــســوء الترجمة والركاكة والضعف على أرفع املستويات». وأضاف: «لم أجد طوال بحثي األدبي في الرواية والشعر العربيني من تصدى لهذه الظاهرة الثقافية من املختصني العرب، وكشفوا للقارئ العربي األسباب التي تؤدي إلى ضعف وركاكة الترجمة بلغتنا األم التي نعتز بها ونتفاخر». وأكد «لقد توصلنا اآلن إلى كلمة (املتاجرة)، وهي ليست كلمة فنية أو ثقافية بـل تحولت إلـى سلعة لها سعر مـحـدد، وتــوزع على كـل أنـحـاء العالم، وفقا لقاعدتها الشعبية الثقافية والفكر املسيطر هناك».

 ??  ??
 ??  ?? أمير تاج السر
أمير تاج السر
 ??  ?? محمد عناني
محمد عناني
 ??  ?? سلمان الحايكي
سلمان الحايكي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia