Okaz

إذا تنافست احلمير حّظ الركابة

-

استيقظ العريفة على صباح خريفي قاس، اخترج إبريقه من تحت السرير، وصــب مـن القربة مـا يكفي لتجديد الوضوء. تيمم القبلة بركعتني، في حني ما زالت زوجته تغط في نوم عميق، تــنــاول الـغـتـرة والــعــقـ­ـال، وفـتـح الـسـحـاري­ـة فانتبهت، قالت: وش تقربع له في هـذي الغبشة؟ لم يـرد عليها، وضع في كمره خمسة رياالت، ونزل إلى سفل الحمارة. وضــع الــخــرج عـلـى ظـهـرهـا. اقــتــاده­ــا حـتـى اقــتــرب مــن جدار املـسـجـد، اعـتـلـى حــجــارة الــجــدار ليتمكن مــن الــركــوب، دلدل أرجوله، ثم دحسها بكعب يسراه وكأنه لم يدحسها إذ بلغت مـن الكبر عتيا، تمتم «والـلـه يـا حظي أنــه مثل حـظ أبــو زيد في الحمير». انتظم عقد الحمير في طريقها إلى سوق الخميس، بعضها له قالقل ينبعث منها صـوت مغري بالسرعة، ربـط الهباطة حميرهم تحت شـبـارقـة كـبـيـرة، ودخــل كــل منهم الــســوق من اتـجـاه، اللي وده باللحمة، واللي يــدور مـوز ذي عـني، واللي معه أمـحـاش يبغي يحدها عشان يصرم بها العقش، فيما انــشــغــ­ل الــعــريـ­ـفــة بـتـفـقـد الــحــمــ­يــر، إذ نـــوى أن يـتـخـلـص من الحمارة، ويشوف له واحدة تليق به في مهباطه ومصداره. شافه دالل الحمير، فنغزه من وراه. كاد يصفعه مستنكرًا ما قام به من نغز. قال «يا رجال أمزح معك، والله من يوم شفتوك مقبل على السوق على تيه الحمارة امليتة لعرفتك أنك بتدور على غيرها. ومطلوبك عـنـدي. سـألـه: ويــن هــي؟ أخــذه بيده. وأشــار إلـى سيدة تبيع الـغـراز. قــال: الله يصع عليك يـا دالل الحمير، أبغي حمارة وتشاور لي على حرمة. تجاهل كالمه، وسحبه، حتى اقتربا من السيدة، صبح الدالل عليها، وخفتها فــي أذنــهــا، فـنـظـرت إلــى الـعـريـفـ­ة. قــالــت: ما بيشتري حمارة ميتم. يبغي حمارة شيخ قبيلة. طلق بالثالثة ليشتريها لو كان يخسر ما قدامه وما وراه. قال للدالل صرف حمارتي عشان نوفي اآلدمية حقها. امتطى العريفة صهوة املشدود، وخلفه وأمامه عشرات من العائدين إلــى مـنـازلـهـ­م، فــي منبسط مــن األرض طــاب السير للحمير، وأســرعــت، وتـركـت العريفة وحـمـارتـه الـجـديـدة فـي املؤخرة، تلثم بغترته وقــال «إذا تنافست الحمير فيا حــظ الركابة». علمي وسالمتكم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia