دموع «لطيفة» وتخلف املجلس

قلة من أعضاء مجلس الشورى تبنوا ملف تمكني املرأة من القيادة، نـذكـر مـن السابقني الـدكـتـور محمد آل زلـفـة الــذي واجــه الكثير من املـتـاعـب بسببه داخـــل وخـــارج املـجـلـس، ولـكـن فــي الـفـتـرة األخيرة برز ثالثي املجلس النسائي، لطيفة الشعالن وهيا املنيع ومنى آل مشيط، في اإلصرار على دعم امللف بكل ما أوتني من حجة وشجاعة وصبر على مراوغات املجلس وتسفيه بعض أعضائه لهن واستعداء شريحة املتشددين في املجتمع عليهن. وال يمكن أن ننسى املرافعة التأريخية للدكتورة لطيفة عـن حـق القيادة للمرأة نهاية الدورة الـسـادسـة، الـتـي تستحق بامتياز أن تـكـون وثيقة هـامـة فـي تأريخ مجلس الشورى. لذلك، ال بد من تسجيل إكبارنا وتقديرنا لدموع لطيفة الشعالن وهي تتحدث إلحــدى الفضائيات بعد صــدور األمــر امللكي، ألنها لحظة الحصاد والنصر بعد كفاح وصبر طويل. لكن هذه السيدة النبيلة الشجاعة لم تترجل عن صهوة مسؤوليتها بعد صـدور األمـر، فقد أشعلت مجلس الشورى في الجلسة التالية بهجوم عنيف على أداء املجلس -كما نشرت «عكاظ» يوم أمس- بقولها «إن مجلس الشورى متخلف بسنوات ضوئية عن الحكومة، ومنفصل عن الواقع وعن الرؤية والتحول الوطني وعن حراك الحكومة»، وقولها «املفترض أن نسابق الحكومة ولكن ألن هذا لن يحدث فعلى األقل نسايرها في املبادرة واالستشراف وال نكون دائما متأخرين». ال أعتقد أن الدكتورة لطيفة فجرت هذه القنبلة بدافع عاطفي حركته نشوة االنتصار، وإنما باستشعار املسؤولية الوطنية ومقتضيات الــواجــب واألمـــانـــة كـعـضـو فــي املـجـلـس الـــذي يـسـانـد الـحـكـومـة في اتخاذ الــقــرارات. كـان املجلس يتهم الكتاب باملبالغة في نقد أدائه رغـــم وضــــوح ضـعـفـه لـلـجـمـيـع، وكــــان يــصــم أذنــيــه عــنــدمــا نطالبه باالنشغال بالقضايا الهامة التي تشغل املجتمع بدال من تهميشها، وكـــان ال يعير الـــرأي الــعــام اهـتـمـامـا الئـقـا عـنـدمـا ينبهه لألخطاء التي تحدث فيه، لكن هاهي واحدة من أعضائه تتجاوز كل ما قاله الكتاب عنه، وتقولها بصوت مرتفع تحت قبته إنه متخلف بسنوات ضوئية ومنفصل عن الواقع والرؤية والتحول الوطني وعن حراك الحكومة. إنها كارثة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة عندما يكون مخزن أفكار وقــرارات وتوجهات الدولة متخلفا عنها بهذه املسافة الهائلة. في مثل هـذا الوضع، وفـي املرحلة الراهنة املليئة بالتحديات، لم تعد تجدي املطالبة بتحسني أداء املجلس عندما يكون حاله هكذا، وإنما نحتاج الى مراجعة جذرية وشاملة للمجلس في كل جوانبه.