Okaz

يعطيكن خيرها

- د. إبراهيم إسماعيل كتبي

حــراك مجتمعي واســع تفاعل مـع لحظة األمــر السامي الكريم بالسماح للمرأة اختياريا بقيادة السيارة في اململكة، وترحيب عاملي على أعلى مستوى بهذه الخطوة التاريخية، وسيظل هــذا الــحــراك حتى بــدء جلوس املــرأة خلف عجلة الــقــيــ­ادة، وبــالــطـ­ـبــع بــعــدهــ­ا بــفــتــر­ة طــويــلــ­ة مــن قـبـيـل تــجــربــ­ة نـاقـشـهـا املجتمع طويال وكثيرا بـني قبول واســع للفكرة ورفــض متخندق، وحـالـة ذهنية سادت في مجتمعنا ول وجــود لها في دول العالم الــذي سيتابع باهتمام أيضا بدء التطبيق في صباح العاشر من شوال القادم بإذن الله. الـــقـــر­ار الـحـكـيـم جـــاء فــي وقــتــه، والـتـطـبـ­يـق يــحــتــا­ج بـالـفـعـل إلـــى هـــذه الشهور التحضيرية إلنـجـاز إجــــراءا­ت تنظيمية دقيقة ستجيب تباعا على تساؤلت تثار حاليا عن تفاصيل التجربة املرتقبة وتوقعاتها، وعن مواقف مفاجئة قد تتعرض لها قائدة السيارة من أعطال وظروف طارئة، وهذا يذكرنا بشكل آخر من اإلشكاليات قبيل تعليم البنات، وهواجس وفوبيا الفضائيات مع بدء ثورة البث املباشر، ثم قبل سنوات مع أجهزة الهواتف الذكية وشبكة اإلنترنت، واليوم سادت تطبيقات التواصل الجتماعي مع أنها األكثر تحديا في أخطارها على األجيال وليس من قيادة سيدة أو فتاة لسيارتها في احتشام واحترام وانضباط، فمن منا اليوم ل يتابع برامج فضائية ول يستخدم إنترنت ولو كان استخداما رشـيـدا، وهـكـذا العبرة فـي الـوعـي وثقافة اللــتــزا­م واحــتــرا­م الـقـوانـن­ي وقبل ذلك التقوى. لذا أتمنى لو توقف املثرثرون دون فكر أو عقل واتزان، فاملصلحة من هذا القرار إنما هي عظيمة ومنافعها شتى اقتصاديا واجتماعيا وحتى نفسيا وتربويا عندما تتنقل املرأة بسيارتها وحدها إلى عمل أو دراسة أو تسوق أو حالة طارئة، دون سائق يرهق األسرة وجوده أو يربكها غيابه. القرار أول حسمه ولي األمر ابتغاء املصالح العامة والفرد واألسرة، واألصل في اإلسالم هو اإلباحة، وقد حسمت هيئة كبار العلماء املوقرة ذلك، كما أن مجتمعنا ليس مالئكيا ول وجود لهذه الصفة في دنيا البشر، والذي ل يقر بتغير الحياة إنما يناقض صحيح الدين الذي هو صالح لكل مكان وزمان، وهؤلء يناقضون أنفسهم ويريدون أن يلزموا املجتمع بأفكارهم أو عاداتهم، فما يصح لك قد ل يصح لغيرك والعكس صحيح وما يفيد هذه األسرة قد يراه البعض هامشيا. أيضا ملاذا وكيف يتجرأ البعض ويسيء الظن (وبعضه إثم) ويجرح في املجتمع، كما يضخم في توقع مشكالت مرورية واجتماعية، وليتهم يتأملون في واقع دول العالم عامة واإلسالمية خاصة وهي كثيرة، تقود فيها املرأة السيارة، والكل رجال ونساء يلتزم بالقواعد املرورية وباألنظمة وبــاآلداب العامة، ومن يخرج عن ذلك فله العقاب، وتلك هي الحياة الطبيعية للمجتمع. مرحبا بالقرار التاريخي وبانتظار التجربة التي ستصحح نفسها بنفسها، املهم هو تحقيق املصلحة العامة لنصف املجتمع وهي في الحقيقة لكل املجتمع برفع أعباء ومشكالت السائقني أو تكاليف سـيـارات األجــرة، وربما التجربة القادمة تمنح ما هو أكثر باستقدام سائقات لألسرة، ويظل قرار قيادة املرأة اختياريا لكل سيدة ولكل أسرة، من تقدم عليه فهذا حقها، ومن يبقي السائق أو يستقدم سائقا فله ما يريد، وتظل الدولة حامية لهذه الحقوق منظمة لها، راعية لكل ما يحفظ للمرأة وللمجتمع األمن والسالمة واملصلحة املرجوة. ما أسرع األيام وبعد العيد القادم بإذن الله، نقول «يعطيكن خيرها ويكفيكن شرها».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia