أول ملك في بالد القياصرة

يبدأ خادم الحرمن الشريفن زيـارة لروسيا االتحادية، هي أول زيـارة مللك سعودي إلى موسكو، والثانية للملك سلمان بعد زيارته في يونيو 2006 كأمير للرياض، كما أن الرئيس فاديمير بوتن هو الرئيس الروسي الوحيد الذي زار اململكة. بالطبع زار روسيا امللك عبدالله واألمير سلطان واألمير محمد بن سلمان، في عـدة زيــارات كانت خطوات في تطوير العاقات بن البلدين، والتي كـانـت عـاقـات قديمة؛ إذ إن روسـيـا أول دولــة اعترفت باململكة العربية السعودية، لكنها أيضا مرت بعقود من برودة العاقات، شبيهة ببرودة الحرب الباردة وأحيانا تزامنا معها. اليوم تأتي هـذه الـزيـارة تتويجا ملرحلة جديدة بن البلدين، عناوينها الرئيسية كثيرة، لكن العنوان الرئيس لهذه العاقة بشكلها املتصاعد من ،2015 كونها «عاقة ثقة قادرة على العمل على املشتركات والتفاهم حول االختافات». الثقة هي مسألة مهمة جدا في الذهنية الروسية، وعــادت ما تكون بناء على تراكم زمني ومواقف، وال أدل على الثقة املوجودة بن الطرفن من االتفاق التاريخي بن وزير الطاقة الروسي إلكسندر نوفاك، ووزير الطاقة السعودي خالد الفالح، في أكتوبر ،2015 والذي أدى لوقف نزيف أسعار النفط، وهو اتفاق تاريخي بن أكبر املصدرين داخل أوبك «السعودية»، وأكبر املصدرين من خارج أوبك «روسيا». كما أن اململكة وروسيا تمثان معا حوالى ربع إنتاج العالم من الطاقة، وما يعكس الثقة املستمرة هو ثبات هذا االتفاق والحديث حول استمراره في ،2018 كما أن هذا االتفاق أرسل برسالته إلى األسواق العاملية، ونتج عنه تحسن مقبول في أسعار النفط. وللسعودية وروسيا هدف مشترك في ما يخص منطقة الشرق األوسط، عبر السعي الستقرار املنطقة ومكافحة اإلرهاب، وهو ما يستدعي نقاشات حول املختلف حوله قبل املتفق عليه في عدة ملفات إقليمية، ولعل أبرز عناوين الخاف قد يكون املسألة السورية. لكن الرياض تعرف أن املؤثر الرئيسي على األرض، وصاحب الكلمة العليا في مناطق سيطرة النظام وامليليشيات املوالية له هي موسكو، وموسكو تعرف أن الرياض هي املنصة األوسع واألعم تمثيا للمعارضة السورية، وبالتالي فالحوار دائـم حول سوريا، والسعي لحل سياسي موجود من الطرفن رغم وجود تباين حول بعض النقاط. يـــدرك الــطــرفــان الــيــوم أن سـيـاسـة املــحــاور انـتـهـت إلــى ال عـــودة، وأن لغة املـصـالـح واالقـتـصـاد وتـنـويـع الحلفاء هـي لغة املستقبل، الـيـوم للصن عاقات جيدة مع الواليات املتحدة، ولروسيا عاقات جيدة مع عدة دول خليجية، كانت تاريخيا حليفة للواليات املتحدة، لكن عالم العقاء اليوم ال يبتر العاقة مع دولة على حساب أخرى. خـــال لــقــاءات ولـــي الـعـهـد الــســعــودي بـالـرئـيـس بــوتــن، تــم تـوقـيـع عدة اتفاقيات فـي مجال االسـتـخـدام السلمي للطاقة الـنـوويـة، والـتـعـاون في مــجــال الــفــضــاء، وكــذلــك اتــفــاقــيــات تــعــاون فــي مــجــال اإلســـكـــان والطاقة والفرص االستثمارية. وهناك آفاق عدة للذهاب قدما في مزيد من التعاون االقتصادي والثقافي، وهـنـاك عـدة أزمــات إقليمية قـد يكون تـعـاون السعودية وروسـيـا الجسر الرئيسي لحلها، ولـعـل على رأســهــا، القضية الفلسطينية، والـتـي ربما تشهد إنفراجة خاصه مع بوادر تجاوز الخاف الفلسطيني الفلسطيني مؤخرا. العاقات السعودية - الروسية ستتقدم عدة خطوات لألمام بزيارة خادم الحرمن ملوسكو، وقرار البلدين أن تستمر العاقات في التقدم أيا كانت التحديات، وكما تقول الحكمة الروسية «نت كوروتكيكا بوتي تودا كودا ستويت ستريمتسيا»، أي «ال يـوجـد طـريـق مختصر ملـكـان يستحق أن تصل إليه».