من قطيعة النصف قرن إلى «العالقة املزدهرة»

قمة يسطرها التاريخ.. اختلفنا لنتفق

مــع وصـــول خـــادم الــحــرمــن الـشـريـفـن املــلــك سـلـمـان بن عبدالعزيز إلـى الكرملن غـدًا (الخميس)، في أول زيارة يـــقـــوم بــهــا مــلــك ســـعـــودي إلـــــى مـــوســـكـــو، تـــعـــود أذهـــــان السعودين إلى ما قبل 90 عامًا، حن بادرت موسكو في فبراير 1926 باالعتراف رسميًا باململكة الفتية، ليكون االتحاد السوفيتي أول دولة في العالم تعترف باململكة. وبــــــــدأت املـــــراســـــات الـــدبـــلـــومـــاســـيـــة بــــن الـــبـــلـــديـــن منذ وقـــت مـبـكـر، إذ رد مــؤســس الــبــاد املــلــك عـبـدالـعـزيـز بن عبدالرحمن على رسالة «اعتراف موسكو» باإلعراب عن استعداد اململكة التام إلقامة عاقات مع حكومة االتحاد السوفيتي ومواطنيها كما هو متبع مع الدول الصديقة، وتمخضت عن الرسائل اإليجابية املتبادلة بن البلدين زيـارة تاريخية لوزير الخارجية السعودي -آنــذاك- امللك فيصل بن عبدالعزيز عام .1932 ونــجــحــت الــــريــــاض ومــوســكــو مـــن اســتــثــمــار التواصل اإليجابي، حتى جـاءت القطيعة الطويلة التي استمرت أكــثــر مــن نـصـف قـــرن، بـعـد أن أعــلــن االتــحــاد السوفيتي إغاق بعثته الدبلوماسية في جدة عام .1938 ويـــبـــدو أن عــــودة الــعــاقــات قــبــل نــهــايــة الـــقـــرن املاضي وتــحــديــدًا فــي مطلع الـتـسـعـيـنـات، كــانــت الـحـاجـة ملحة لعملية بناء جديدة والوصول إلى لغة تفاهم مشتركة، وفــتــح الـــبـــلـــدان صــفــحــة جـــديـــدة فـــي تـــاريـــخ عاقتهما، مــن خـــال بــيــان مـشـتـرك أعـلـنـت فـيـه الــريــاض وموسكو اسـتـئـنـاف الــعــاقــات الـدبـلـومـاسـيـة بــن الـبـلـديـن فــي 17 سبتمبر .1990 وجـــاءت زيـــارة أرفـــع مــســؤول ســعــودي إلــى مـوسـكـو عام ،2003 إذ حطت طائرة ولـي العهد -آنــذاك- امللك الراحل عـبـدالـلـه بــن عـبـدالـعـزيـز فــي مـوسـكـو، فيما تبعها امللك سلمان بـن عبدالعزيز بـزيـارة رسمية عندما كــان أميرًا لــلــريــاض عـــام ،2006 كـمـا زار الــرئــيــس الــروســي بوتن اململكة بعدها بعام، حتى قطعت مرحلة تعزيز التعاون االقتصادي شوطًا مهمًا في عاقة البلدين. وتــوجــت األرقــــام الـكـبـيـرة املـرحـلـة الــجــديــدة فــي العاقة بــن الـبـلـديـن، حـتـى ارتــفــع حـجـم الــتــبــادل الــتــجــاري بن البلدين من 235 مليون دوالر عام 2005 إلى 926 مليون دوالر عام 155.3( 2015 مليون دوالر حجم الصادرات السعودية، 770.7و مليون دوالر أمام الصادرات الروسية إلى اململكة). وينظر املراقبون إلـى زيــارة امللك سلمان بن عبدالعزيز التاريخية على أنها امتداد للمرحلة الجديدة السعودية في تعزيز التعاون االقتصادي والتبادل التجاري، إضافة إلى التباحث في شأن العديد من ملفات املنطقة، وعلى رأسه امللف السوري بالغ التعقيد.