Okaz

ال استدارة بل توسيع شراكات.. احلراك شرقا وغربا ومصاحلنا أوال

- فهيم الحامد (جدة)

تــســعــى الـــســـع­ـــوديـــة املـــتـــ­جـــددة إلـــــى تــنــويــ­ع عــاقــاتـ­ـهــا مع حـلـفـائـه­ـا اإلســتــر­اتــيــجــ­يــن فــي الــعــالـ­ـم، بـحـسـب مصالحها الجيوسترات­يجية واالقـتـصـ­اديـة التي تحقق لها املكاسب السياسية واالستثمار­ية والعسكرية وفق الرؤية السعودية ،2030 التي أطرت طبيعة العاقات والتحالفات مع العالم عبر االنـتـقـا­ل بالسعودية الــى مرحلة مـا بعد النفط. ومن هـنـا جـــاءت زيــــارة خـــادم الــحــرمـ­ـن الـشـريـفـ­ن املــلــك سلمان بـن عبدالعزيز التاريخية إلــى روسـيـا، التي شهدت توقيع اتفاقات وتحالفات اقتصادية نوعية بمليارات الدوالرات، وأسست عهدا جديدا من التحالفات لتحقيق أهداف الرؤية اإلسـتـرات­ـيـجـيـة. ويــبــدو أن هــنــاك اجــتــهــ­ادات فــي الصحافة الـغـربـيـ­ة حـــول تــوجــه الــســعــ­وديــة الــجــديـ­ـد نـحـو روســيــا، إذ يــعــتــق­ــدون أن هــــذا الــتــوجـ­ـه يـعـتـبـر اســــتـــ­ـدارة ســعــوديـ­ـة من الــتــحــ­الــف الــــذي دشــنــتــ­ه مــع أمــريــكـ­ـا أخــيــرا واالنــتــ­قــال إلى الشراكة اإلستراتيج­ية املتنوعة مع روسيا. فــي وقــت تتصاعد فـيـه الــتــوتـ­ـرات بــن مـوسـكـو وواشنطن، وبمتابعة لصيقة لإلعام الغربي ومراكز البحوث األمريكية والبريطاني­ة، خصوصا ما نشره مركز «راند» اإلستراتيج­ي وواشنطن بوست والـ «سي إن بي سي» وصحيفة الجارديان التي أسهبت كثيرا في هذه الجوانب اإلستراتيج­ية، باعتبار أن الـسـعـودي­ـة الحليف األكــبــر ألمـريـكـا ألكـثـر مــن 70 عاما، بــاملــقـ­ـابــل، أقــامــت الــريــاض عــاقــات مــع مـوسـكـو فــقــط، بعد انـهـيـار االتــحــا­د السوفيتي، واسـتـغـرق األمـــر بعض الوقت لــتــدفــ­ئــة األمــــــ­ـور، ورغـــــم أن الــرئــيـ­ـس بــوتــن زار العاصمة الــســعــ­وديــة عـــام ،2007 إال أنــهــا لـــم تــقــابــ­ل بـــزيـــا­رة بنفس املستوى الرفيع في حينه. والسعودية باعتبارها دولة ذات ســيــادة وتـتـحـرك وفــق مصالحها اإلسـتـرات­ـيـجـيـة ورفاهية شعبها، فعندما تـنـوع الـسـعـودي­ـة عـاقـاتـهـ­ا غـربـا وشرقا، فهذا ال يعكس فقط قوتها فحسب بل صدارتها في املحافل اإلقليمية والعاملية على الــســواء، وتـعـامـل السعودية وفق سياسة املصالح اإلستراتيج­ية وتلبية احتياجاتها إلعادة تموضعها في املحيط العاملي، من خال تنويع اقتصادها وجـــــذب اســـتـــث­ـــمـــارا­ت خـــارجـــ­يـــة، وفــــي الـــوقـــ­ت نــفــســه وضع القيادة الروسية في حقيقة العنجهية والعربدة اإليرانية فـي املنطقة وتدخاتها القميئة فـي شــؤون الــدول العربية والخليجية ودعـم امليليشيات الطائفية في اليمن وسورية ولبنان. وظهر ذلك جليا عندما قال امللك سلمان من داخل الكرملن مخاطبا بوتن: «إننا مطالبون بالعمل على إنهاء األزمة السورية وفقا لقرارات «جنيف »1 وقرار مجلس األمن رقــم ،2254 والحفاظ على وحــدة الـعـراق ووقــف التدخات اإليــرانـ­ـيــة فــي املـنـطـقـ­ة» فــي رســالــة قــويــة مـوجـهـة ملــالــي قم الــذيــن حــولــوا املنطقة بسياساتهم إلــى بــؤر إرهــابــي­ــة. لقد أصبحت موسكو قوة سياسية ال يمكن إنكارها في الشرق األوســــط، وتــــدرك الـسـعـودي­ـة وجـمـيـع الـاعـبـن فــي املنطقة أن روســيــا تـعـود العـبـا رئيسيا فــي املنطقة كما أن أمريكا أيضا قوة رئيسية ويجب استمرار العاقات اإلستراتيج­ية معها، وسياسة السعودية اليوم تمثل سياسة أكثر واقعية وموضوعية لتحقيق االستقرار في املنطقة ولجم اإلرهاب ومـنـع تمويله. ومــن هنا يجب على اإلعـــام األمـريـكـ­ي عدم الــدخــول فــي اجــتــهــ­ادات خــارجــة عــن سـيـاقـهـا، فالسعودية املــتــجـ­ـددة تـبـحـث عــن مـصـالـحـه­ـا شــرقــا وغـــربـــ­ا، وال تغير في سياساتها وال تؤمن بسياسة االســتــد­ارة بل بالسياسة الواقعية وفق مصالحها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia