ال استدارة بل توسيع شراكات.. احلراك شرقا وغربا ومصاحلنا أوال
تــســعــى الـــســـعـــوديـــة املـــتـــجـــددة إلـــــى تــنــويــع عــاقــاتــهــا مع حـلـفـائـهـا اإلســتــراتــيــجــيــن فــي الــعــالــم، بـحـسـب مصالحها الجيوستراتيجية واالقـتـصـاديـة التي تحقق لها املكاسب السياسية واالستثمارية والعسكرية وفق الرؤية السعودية ،2030 التي أطرت طبيعة العاقات والتحالفات مع العالم عبر االنـتـقـال بالسعودية الــى مرحلة مـا بعد النفط. ومن هـنـا جـــاءت زيــــارة خـــادم الــحــرمــن الـشـريـفـن املــلــك سلمان بـن عبدالعزيز التاريخية إلــى روسـيـا، التي شهدت توقيع اتفاقات وتحالفات اقتصادية نوعية بمليارات الدوالرات، وأسست عهدا جديدا من التحالفات لتحقيق أهداف الرؤية اإلسـتـراتـيـجـيـة. ويــبــدو أن هــنــاك اجــتــهــادات فــي الصحافة الـغـربـيـة حـــول تــوجــه الــســعــوديــة الــجــديــد نـحـو روســيــا، إذ يــعــتــقــدون أن هــــذا الــتــوجــه يـعـتـبـر اســــتــــدارة ســعــوديــة من الــتــحــالــف الــــذي دشــنــتــه مــع أمــريــكــا أخــيــرا واالنــتــقــال إلى الشراكة اإلستراتيجية املتنوعة مع روسيا. فــي وقــت تتصاعد فـيـه الــتــوتــرات بــن مـوسـكـو وواشنطن، وبمتابعة لصيقة لإلعام الغربي ومراكز البحوث األمريكية والبريطانية، خصوصا ما نشره مركز «راند» اإلستراتيجي وواشنطن بوست والـ «سي إن بي سي» وصحيفة الجارديان التي أسهبت كثيرا في هذه الجوانب اإلستراتيجية، باعتبار أن الـسـعـوديـة الحليف األكــبــر ألمـريـكـا ألكـثـر مــن 70 عاما، بــاملــقــابــل، أقــامــت الــريــاض عــاقــات مــع مـوسـكـو فــقــط، بعد انـهـيـار االتــحــاد السوفيتي، واسـتـغـرق األمـــر بعض الوقت لــتــدفــئــة األمـــــــور، ورغـــــم أن الــرئــيــس بــوتــن زار العاصمة الــســعــوديــة عـــام ،2007 إال أنــهــا لـــم تــقــابــل بـــزيـــارة بنفس املستوى الرفيع في حينه. والسعودية باعتبارها دولة ذات ســيــادة وتـتـحـرك وفــق مصالحها اإلسـتـراتـيـجـيـة ورفاهية شعبها، فعندما تـنـوع الـسـعـوديـة عـاقـاتـهـا غـربـا وشرقا، فهذا ال يعكس فقط قوتها فحسب بل صدارتها في املحافل اإلقليمية والعاملية على الــســواء، وتـعـامـل السعودية وفق سياسة املصالح اإلستراتيجية وتلبية احتياجاتها إلعادة تموضعها في املحيط العاملي، من خال تنويع اقتصادها وجـــــذب اســـتـــثـــمـــارات خـــارجـــيـــة، وفــــي الـــوقـــت نــفــســه وضع القيادة الروسية في حقيقة العنجهية والعربدة اإليرانية فـي املنطقة وتدخاتها القميئة فـي شــؤون الــدول العربية والخليجية ودعـم امليليشيات الطائفية في اليمن وسورية ولبنان. وظهر ذلك جليا عندما قال امللك سلمان من داخل الكرملن مخاطبا بوتن: «إننا مطالبون بالعمل على إنهاء األزمة السورية وفقا لقرارات «جنيف »1 وقرار مجلس األمن رقــم ،2254 والحفاظ على وحــدة الـعـراق ووقــف التدخات اإليــرانــيــة فــي املـنـطـقـة» فــي رســالــة قــويــة مـوجـهـة ملــالــي قم الــذيــن حــولــوا املنطقة بسياساتهم إلــى بــؤر إرهــابــيــة. لقد أصبحت موسكو قوة سياسية ال يمكن إنكارها في الشرق األوســــط، وتــــدرك الـسـعـوديـة وجـمـيـع الـاعـبـن فــي املنطقة أن روســيــا تـعـود العـبـا رئيسيا فــي املنطقة كما أن أمريكا أيضا قوة رئيسية ويجب استمرار العاقات اإلستراتيجية معها، وسياسة السعودية اليوم تمثل سياسة أكثر واقعية وموضوعية لتحقيق االستقرار في املنطقة ولجم اإلرهاب ومـنـع تمويله. ومــن هنا يجب على اإلعـــام األمـريـكـي عدم الــدخــول فــي اجــتــهــادات خــارجــة عــن سـيـاقـهـا، فالسعودية املــتــجــددة تـبـحـث عــن مـصـالـحـهـا شــرقــا وغـــربـــا، وال تغير في سياساتها وال تؤمن بسياسة االســتــدارة بل بالسياسة الواقعية وفق مصالحها.