عزم سعودي إلرساء قيم االعتدال واقتالع جذور التطرف
تواصل السعودية بخطوات حازمة جهودها في مكافحة ظاهرة اإلرهاب والتطرف محليًا وإقليميًا ودولـــــيـــــًا، وأســـهـــمـــت بــشــكــل كــبــيــر فـــي التصدي بفعالية لـلـظـاهـرة، ودعـــت املجتمع الــدولــي إلى التعاون جميعا للقضاء عليه، واستطاعت اتخاذ مواقف صارمة ضد اإلرهاب من خالل إقرار عدد من القوانني، ومنذ أن وقعت اململكة على معاهدة مكافحة اإلرهاب في منظمة املؤتمر اإلسالمي في مايو ،2000 وهي تواصل جهودها في استئصال شأفة اإلرهـاب بمختلف الوسائل. وكانت اململكة الـتـي تـعـد مــن أوائـــل الـــدول الـتـي أولـــت التصدي لــظــاهــرة اإلرهـــــاب اهــتــمــامــا بــالــغــا على مختلف املستويات، وال تزال تذكر الــعــالــم فــي كــل مـنـاسـبـة محلية وإقــلــيــمــيــة ودولـــيـــة بخطورة هــــــذه الــــظــــاهــــرة فــــي زعزعة واستقرار أمـن العالم، إذ قال خـادم الحرمني الشريفني في كـلـمـتـه فـــي رمـــضـــان املاضي: «إن اإلرهـــاب ال يفرق بـني الحق والـبـاطـل، وال يـراعـي الـذمـم، وال يقدر الحرمات، فقد تجاوز حدود الدول، وتغلغل فـي عالقاتها، وأفـسـد مـا بـني املتحابني واملتسامحني، وفــرق بـني األب وابـنـه، وبـاعـد بني األسر، وشرذم الجماعات». وحـيـنـمـا حـــاول الـبـعـض إلــصــاق تـهـمـة اإلرهاب باإلسالم كانت السعودية من أول الـدول املدافعة عــن اإلســـالم وسـمـاحـتـه، كما قــال خــادم الحرمني الــشــريــفــني فـــي كـلـمـتـه الــتــي ألــقــيــت إبــــان افتتاح املؤتمر اإلسالمي العاملي ملكافحة اإلرهــاب الذي عـقـدتـه رابــطــة الـعـالـم اإلســالمــي فــي مـكـة املكرمة العام املاضي: «إن األمة اإلسالمية يهددها تغول اإلرهاب املتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شــتــى مـــن الــــعــــدوان اآلثـــــم فـــي كــثــيــر مـــن األرجـــــاء جاوزت جرائمه حدود عاملنا اإلسالمي، متمترسًا براية اإلسالم زورًا وبهتانًا وهو منه براء».
حفظ السلم واألمن الدوليني
وفـي عهد خــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بــن عــبــدالــعــزيــز أتـــت واحـــــدة مــن أكــبــر املبادرات الـــدولـــيـــة واإلســــالمــــيــــة فــــي مــكــافــحــة هـــــذه اآلفة بـتـشـكـيـل الــتــحــالــف الــعــربــي اإلســـالمـــي ملحاربة اإلرهـاب بقيادة السعودية وإقامة مركز عمليات مشتركة فــي الــريــاض لتنسيق ودعـــم العمليات العسكرية لدحر اإلرهاب. وعــــنــــدمــــا اســــتــــعــــرض خــــــــادم الحرمني الـــشـــريـــفـــني الـــســـيـــاســـة الداخلية والــــخــــارجــــيــــة لــلــمــمــلــكــة خالل افـــتـــتـــاحـــه الـــــــــدورة السادسة ملجلس الشورى في ديسمبر ،2015 أعاد لألذهان معاناة الــســعــوديــة مــن آفـــة اإلرهــــاب، مــــؤكــــدا حـــــرص املــمــلــكــة على محاربته والتصدي بكل صرامة وحــــزم ملـنـطـلـقـاتـه الـفـكـريـة التي تــتــخــذ مــــن تــعــالــيــم اإلســــــــالم مــــبــــررًا لها واإلسالم منها براء. وتــأكــيــدا عــلــى أهــمــيــة قــيــام الــتــحــالــف اإلسالمي ضد اإلرهاب، قال امللك في هذه الكلمة: «إن إنشاء هـــذا الـتـحـالـف بــقــيــادة املـمـلـكـة جـــاء انــطــالقــا من أهمية املسؤولية الدولية املشتركة للتصدي له، بــاإلضــافــة إلــى تـأسـيـس مــركــز عمليات مشتركة بــمــديــنــة الـــــريـــــاض لــتــنــســيــق ودعـــــــم العمليات الـعـسـكـريـة ملــحــاربــة اإلرهـــــاب ولـتـطـويـر البرامج واآللــــيــــات الـــالزمـــة لــدعــم تــلــك الـــجـــهـــود، ووضع الترتيبات املناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة واملحبة للسالم والجهات الدولية في سبيل خدمة املجهود الـدولـي ملكافحة اإلرهـــاب وحفظ السلم واألمن الدوليني». خالل قمة مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة أنطاليا التركية عام ،2015 شدد خادم الحرمني الشريفني خــالل جلسة عـشـاء عمل رؤســـاء الدول والـوفـود املشاركة فـي القمة التي عقدت بعنوان «الـتـحـديـات الـعـاملـيـة.. اإلرهـــاب وأزمـــة الالجئني» على ضــرورة مضاعفة املجتمع الدولي لجهوده الجـتـثـاث اإلرهــــاب، ووصــفــه بـــ«اآلفــة الخطيرة»، وبأنه داء عاملي ال جنسية له وال دين. ودعـــا دول الـعـالـم إلــى الـقـيـام بــدورهــا للتصدي لهذه الظاهرة املؤملة، وقال: «اقترحت اململكة إنشاء املركز الدولي ملكافحة اإلرهــاب تحت مظلة األمم املتحدة وتبرعت له بمئة وعشرة ماليني دوالر»، ودعـا الــدول األخــرى لإلسهام فيه ودعمه لجعله مركزًا دوليًا لتبادل املعلومات وأبحاث اإلرهاب، مؤكدا تعاون اململكة بكل قوة مع املجتمع الدولي ملواجهة اإلرهاب أمنيًا وفكريًا وقانونيًا. وفي إطار اهتمام اململكة بمكافحة اإلرهاب، دشن خادم الحرمني الشريفني عام 2017 بمشاركة قادة 55 دولـة في العالم، املركز العاملي ملكافحة الفكر املتطرف (اعتدال) الذي تستضيف مدينة الرياض مقره الرئيسي، كما أطلق مركز الـحـرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع، ويرأس مجلس أمنائه ولي العهد نائب رئيس مجلس الـــوزراء وزيــر الدفاع األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ويــأتــي مــركــز الــحــرب الـفـكـريـة فــي إطــــار اهتمام الــســعــوديــة بتفعيل رســالــة اإلســــالم والــســالم في الــعــالــم الــتــي تـمـخـض عـنـهـا إنــشــاء «مــركــز امللك سـلـمـان لـلـسـالم الــعــاملــي»، بــالــتــعــاون بــني املركز، ومركز األمـن والدفاع في وزارة الدفاع املاليزية، وجــامــعــة الــعــلــوم اإلســالمــيــة املــالــيــزيــة، ورابطة العالم اإلسالمي. أكـــد ولـــي الـعـهـد فــي تـصـريـح لــه أن الــحــرب على اإلرهــاب وكل من يدعمه ويموله ال بد أن تستمر وبــكــل حــــزم، ويــعــد ولـــي الــعــهــد قــائــدا للتحالف اإلســالمــي الـــذي عـمـل عليه فــتــرة طـويـلـة إليجاد قوة إسالمية تردع أي عدوان، إذ أكد خالل املؤتمر الــصــحــفــي الـــــذي عــقــده فـــي قـــاعـــدة املــلــك سلمان الـعـسـكـريـة بـعـد إعـــالن الــبــيــان املــشــتــرك بتشكيل تحالف إسالمي عسكري ملحاربة اإلرهاب بقيادة اململكة، أن التحالف اإلسالمي العسكري سيحارب كل املنظمات اإلرهابية. وتوجت مساعي السعودية في مكافحة اإلرهاب بـاسـتـضـافـتـهـا لـلـمـؤتـمـر الـــدولـــي الــــذي عــقــد في مدينة الــريــاض فـي فبراير عــام 2005 بمشاركة أكــثــر مـــن 50 دولــــة عــربــيــة وإســالمــيــة وأجنبية إلى جانب عدد من املنظمات الدولية واإلقليمية والعربية تتويجا لجهودها في محاربة اإلرهاب. وتـــــصـــــدت الـــســـعـــوديـــة ألعمال الــــــعــــــنــــــف واإلرهـــــــــــــــــــــــاب على املـسـتـويــني املـحـلـي والدولي فــحــاربــتــه مــحــلــيــًا وشجبته وأدانــــــتــــــه عـــاملـــيـــا، وتمكنت مــــــن إفــــــشــــــال أكـــــثـــــر مــــــن %95 مـــن الــعــمــلــيــات اإلرهـــابـــيـــة وفق إستراتيجية أمنية حــازت على تقدير العالم بأسره.
تقدير دولي للمبادرات السعودية
اهتمت اململكة برجال األمن الذين يخوضون بكل شــرف معركة الــحــرب على اإلرهــــاب، واحتضنت أبـــنـــاء شـــهـــداء الـــواجـــب مـنـهـم وأســـرهـــم واعتنت بـاملـصـابـني مـنـهـم. ووجـــد الـبـواسـل فــي خوضهم معركة الشرف ضد اإلرهابيني دعما ومساندة من العلماء واملواطنني. وفي ما يتصل باملعالجة الوقائية قامت السعودية بالعديد من املبادرات والجهود للقضاء على الفكر املنحرف، أهمها املبادرة التي أعلنها امللك عبدالله بن عبدالعزيز في ،2004/6/23 وتضمنت عفوا عن كل من يسلم نفسه ملن ينتمي إلـى تلك الفئة الضالة ممن لم يقبض عليه في عمليات اإلرهاب طائعا مختارا في مـدة أقصاها شهر من تاريخ ذلــك الـخـطـاب، وأنـــه سيعامل وفــق شــرع الـلـه في ما يتعلق بحقوق الغير، واستفاد من ذلك القرار الكثير مـن الـذيـن اعتنقوا الفكر الـضـال وسلموا أنفسهم للجهات األمنية. وكانت النجاحات التي حققتها اململكة في مكافحة اإلرهــاب واإلنـجـازات األمنية التي سطرها رجال األمن في إحباط الكثير من املخططات اإلرهابية قبل وقوعها محل إشادة وتقدير دوليني. وأشــــاد الــرئــيــس األمــريــكــي السابق جورج دبليو بوش في خطاب ألـــقـــاه أمــــام مــؤتــمــر جمعية رؤســــــاء تــحــريــر الصحف األمريكية بدور السعودية فـــــي مــــحــــاربــــة اإلرهــــــــــاب، وقـــــــــال: «إن اإلرهــــابــــيــــني ارتــــكــــبــــوا خـــطـــأ تكتيكيا فـــي تــقــديــري حـــني هاجموا املــمــلــكــة وهــــم يــــدركــــون اآلن نتائج ذلك». كما أشاد تقرير نشرته قناة «سي إن إن» األمريكية بــجــهــود الــســعــوديــة عــبــر الــعــديــد مـــن املبادرات الفاعلة. وأشـــــار الــتــقــريــر إلــــى تــبــنــي املــمــلــكــة لــلــعــديــد من املــــبــــادرات، وفـــي مـقـدمـتـهـا الــتــحــالــف اإلسالمي الــعــســكــري ملــحــاربــة اإلرهــــــاب، إضــافــة إلـــى مركز الــحــرب الـفـكـريـة الـتـابـع لــــوزارة الــدفــاع باململكة، وتــطــرق الــتــقــريــر لــالهــتــمــام الـكـبـيـر الــــذي أولته إدارة الــرئــيــس األمــريــكــي دونــالــد تــرمــب لزيادة حجم التعاون مع اململكة في ما يتعلق بمكافحة اإلرهاب.