Okaz

ساحة الفصل اجلماعي

- أحمد عجب الزهراني ajib2013@yahoo.com @ajib2013

يقول صديقي (املخروع) إنه صحا البارحة من نومه خائفًا مذعورًا وهــو يـــردد بـأعـلـى صـوتـه «ال.. ال، أرجــوكــم ال تقتلوني، أنــا ورايه كـومـة عــيــال»، وحــن قلت لــه: يــا ابــن الــحــال وش فـيـك، مــا وراك إال العافية واحنا بأمن وأمـان، رد عليه وقال: معك حق، لكنني حلمت أنني وبعض الزماء مكبلون بالساسل واألغـال ونسير في صف طـويـل نحو بهو املـنـشـأة، وكـنـا نــرى أمـامـنـا مجموعة أخــرى تقف على املنصة وقد وضعت على وجوههم الغمامة السوداء، فيما كان املتسلقون يتبسمون وينظرون ملدير الشركة حتى يعطيهم اإلشارة لينزلوا املقصلة تباعًا على أعناق العاملن! طبعًا ال حـاجـة لنا هنا ملفسر أحــام يضحك علينا بتأويله لهذه الرؤيا املزعجة، فالتفسير املنطقي لها أن قرار فصل صديقنا قد تم إمضاؤه واعتماده وبانتظار التوجيه إلباغه بشكل رسمي، هكذا أصبح العاملون السعوديون يعاملون فـي بلدهم حيث يفتقرون لــأمــان الـوظـيـفـ­ي ويــقــتــ­ادون صـبـاحـًا ومــســاء إلـــى (ســاحــة الفصل الجماعي) لتقطع أرزاقهم! في السابق كان من الصعب جدًا على الشركات األهلية إيجاد ثغرة نظامية تسمح لهم بفصل أكثر العاملن تسيبًا وإهماال، حيث كانت تـقـف لـهـم بــاملــرص­ــاد املـــادة )75( والــتــي تـصـل إلــى قــرابــة الصفحة الــكــامـ­ـلــة، مــوضــحــ­ة لـلـعـامـل مــواعــيـ­ـد وطــــرق الــطــعــ­ن واالحتماال­ت الواهية التي قد يلجأ إليها رب العمل لفصله وكيفية املطالبة بوقف الــقــرار والــعــود­ة للعمل، أمــا الـيـوم فـإنـه بـن كـل مــادة ومـــادة بنظام العامل مادة أخرى تمنح املنشأة حق تسريح أكثر عمالها انتظامًا، إنها أشبه ما تكون بتلك اإلعانات التجارية املزعجة التي تتخلل املسلسل الدرامي فتفسد على املشاهد متعته وتجبره على االنتقال من محطة ملحطة! إن أكـثـر مـا يثير حنقي واسـتـغـرا­بـي فـي هــذه الحكاية، هـو إطالة املتحدث الرسمي لوزارة العمل مع كل حادثة فصل جماعي ليستنكر ما حدث ويتوعد املنشآت األهلية التي تقوم بمثل هذه اإلجراءات بـوقـف خـدمـاتـهـ­ا وتطبيق الـعـقـوبـ­ات الـصـارمـة بحقها، ونـسـي أو تناسى حضرته بأن وزارتـه هي من عملت على تشريع هذا النظام بكل ما فيه من مـواد تبيح الفصل بأنواعه، إنهم هنا كالذي يقتل القتيل ويمشي فـي جنازته، وكمن يحيك املــؤامــ­رة ثـم نجده ينوح ويلطم على قبر الضحية!! بحسب قائمة الهيئة العامة لإلحصاء فقد بلغ إجمالي املتعطلن السعودين في الربع الثاني من عام م2017 أكثر من 737 ألفًا، وإذا لـم يتم تــدارك هــذا األمــر بإلغاء وتعديل تلك املــواد النظامية التي أسهمت بشكل مباشر فـي زيــادة مـعـدالت البطالة، فإننا قـد نحرج الشركات األهلية التي قد ال تجد مكانًا كافيًا لتنفيذ أحكام إنهاء خــدمــات عـمـالـهـا، وألن راحـتـهـم مهمة ومصالحهم مـقـدمـة، أقترح منحهم أراضــي شاسعة لينصبوا عليها ساحات ومشانق الفصل الجماعي!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia