ما حتت املنخل دقيق
استيقظ (أبـو عويد) على قربعة فناجيل وصحون، فرك الغطاش عن عينيه، وردد «يا الله صبحنا رضــاك» جاء الــــرد مــن وراء حــاجــز قــمــاشــي «خـــذ لــك رشــفــة مــن طاسة الفريقة والحق الغنم، عانها قدامك في الوادي». ساق الغنم ملسافة. أطلق لها عنان الرعي في وادي مترع بـالـحـيـا، حــول نقيع مـــاء، يـحـوطـه نــبــات الـحـلـفـاء، كانت غنمه في مأمن، فيما وضـع عمامته على حجر، ليجعل منه مخدة، انسدح تحت فيء سدرة وبدأ يقلب الحكاية في رأسه. تساءل: وش قصة ذا الحرمة معي، لها وقت ما هي على خبري. وش قد طرى لها من طاري؟ لم يصل إلجابة. بعد الظهر بقليل لحقه جاره مناحي، بالجلب، ملحه تحت السدرة، فأقبل عليه، وفي يده خمرة القهوة، ومعه قطعة قماش ملفوف بها خبزة، وحبات تمر. سلم على الجار، وأشعل النار، ليسخن القهوة. تناوال من متاعهما ما قسم الله. قـــرأ مـنـاحـي مــالمــح الـضـيـق والــضــجــر عـلـى وجـــه جاره؟ سأله: عالمك يا رجــال، ما به خــالف؟ استقعد أبـو عويد، وزفر، وقال: والله يا مناحي مدري وش أقول، الحرمة لها فترة متغيرة على أخوك، ما عاد تعتني بأكلي وال شربي، وال مــالبــســي، ومـــا غــيــر تـتـنـهـرنـي مــا كــنــي إال مــن كالب الـــوادي. رد مناحي: يا ويحي عنك ويـحـاه؟ والله دواها عندي، وندف صدره. سأله مناحي: ال تكون هجرت خليج الغدرة، وابطيت عن تلين ذرو الوادي. فتل شواربه وأجاب: يا مناحي ما أروح إال ظهري مقطوع من مطارد غنم الشياطن. أوصل البيت ما في عيني قطرة. اقترح عليه يجدد فـراشـه. صـاح أبو عادي: ليتني بحملي أقوم، واملنخل يا ما تحته دقيق.
صباح اليوم التالي مر مناحي بجاره، وإذا أمامه طاسة فـريـقـة، وحــلــة فتة بالتمر والـسـمـن. فــقــال: الحمد لله لي نصيب في فطورك، قال أبو عويد: تبغي قدر هواربي، وإال قدر شواربي. قال: ال والله قدر شواربك. قال: مد ايدك في الفتة. علمي وسالمتكم.