تلميح وتصريح أيام موسكو التاريخية
مع انتهاء زيارة امللك سلمان لروسيا يمكن القول وبثقة تامة ودون مبالغة إن وصفها بالتاريخية هو الوصف الحقيقي لها، وهذا ليس انطباع اآلخـريـن الـذيـن راقـبـوا الــزيــارة مـن خــارج روسـيـا أو اإلعـام السعودي أو أعضاء الوفد الضخم املرافق، وإنما انطباع كل وسائل اإلعام الروسية املقروءة واملسموعة واملرئية بمختلف تـوجـهـاتـهـا، حـيـث لــم تـجـد تعبيرًا مناسبًا ينطبق عـلـى الزيارة سوى أنها تاريخية بالفعل، ولربما لم توصف زيـارة قبلها بهذا الــوصــف عـبـر تــاريــخ روســيــا الــحــديــث، أو عـلـى األقـــل مـنـذ انهيار االتــحــاد الـسـوفـيـتـي وقــيــام دولـــة روســيــا االتــحــاديــة. لـقـد غاصت وسائل اإلعام الروسية في تفاصيل دقيقة، من هيبة اللقاء الذي جمع امللك سلمان وبوتني الذي وصفته بلقاء يليق بالقياصرة في إشـارة إلى شخصية امللك سلمان وحضوره كملك استثنائي، كما تطرقت إلى ما تم إجراؤه من تعديات في بعض قاعات الكرملني وطـقـوس البروتوكول لتائم مستوى االحتفاء املـرغـوب تقديمه للملك سـلـمـان، وعـنـدمـا يـقـال إن مـوسـكـو عـاشـت أربــعــة أيـــام غير مسبوقة فذلك ما حدث بالفعل. عـلـى مـسـتـوى الـنـتـائـج، فـــإن التحضير الـجـيـد لــلــزيــارة واإلعــــداد املسبق املــدروس، والتفاهمات التي تمت قبلها بوقت طويل، أدت إلــى نتائج مبهرة تـحـدث عنها اإلعـــام الـعـاملـي الــذي كــان يراقب الزيارة عن كثب. سياسيا، حدث تفاهم كبير وتقارب حيال امللفات الساخنة فـي منطقتنا، والـعـاقـات الـدولـيـة بشكل عــام. كــان امللك سلمان واضحًا في التعبير عن موقف اململكة مما يحدث حولنا، وشــرح خطورة التدخات الخارجية في سيادة الــدول وشؤونها الداخلية. ملفات سورية واليمن والعراق وفلسطني كانت حاضرة، وتم اختصار املسافة بيننا وبني روسيا في كيفية التعامل معها. أما على صعيد االتفاقات االقتصادية والعسكرية وشؤون النفط والــطــاقــة فـــإن أهـمـيـتـهـا وضـخـامـتـهـا جـعـلـتـهـا املــحــور الرئيسي لإلعام العاملي. ربما تأخرنا كثيرًا فـي االتـجـاه إلــى دولــة ضخمة ومهمة وقطب عـاملـي أصـبـح العـبـًا كبير الـتـأثـيـر، لكن الــزيــارة جــاءت فـي الوقت املناسب لتحصد نتائج في غاية األهمية للمملكة وروسيا أيضا.