Okaz

أبواب جحيم مشرعة باملنطقة..!

-

أسوأ ما يمكن أن يؤول إليه اإلنسان في اآلخرة، هي «جهنم» - والعياذ بالله -، فالذي قدر عليه أن يــدخــلــ­هــا هـــو األشـــقــ­ـى الـــــذى يــصــلــى النار الكبرى، والــذى ال يموت فيها وال يحيى... بل عــذاب خالد من سعير وحميم. ويمكن القول: إن هناك أيضا «جهنم» في الدنيا... فيها كل أنواع األلم والعذاب الفظيع. ولكن جهنم الدنيا – مهما بلغت من القسوة والوحشية – ال تذكر أمام جهنم اآلخــرة. وأغلب جحيم الدنيا يجريه الله – كثيرا – عـلـى يــد بـشـر مــن خــلــقــه... يـشـيـر الـبـعـض إلـيـهـم (أحيانا) بمسمى «شياطني اإلنس»، أو األشـرار. وصدق من قال: «إن معظم بالء الناس يأتي من ناس». وباب جهنم هو البوابة الـتـي تـأتـى مــن داخـلـهـا نــيــران املـحـن املختلفة، واملصائب الكبرى واملآسي املتنوعة. إن جحيم الدنيا موجود دائما وفي كل أرجاء العالم. ولكل جحيم بوابة خاصة... تغلق بالتطبيب السليم، وبالحكمة واإلجـــــ­ـــــراءات الــســيــ­اســيــة الــعــمــ­لــيــة، الــنــاجـ­ـعــة والرصينة، واملـــجــ­ـربـــة عــبــر الـــتـــا­ريـــخ الــســيــ­اســي اإلنـــســ­ـانـــي، والثابت فعاليتها ونجاعتها. وتفتح هذه البوابات عندما يحصل العكس. فباب أي جحيم مفتاحه التخبط والفساد والظلم واإلجـــــ­ـراءات الـسـيـاسـ­يـة االســتــب­ــداديــة واإلرهــاب­ــيــة، الثابت قصورها وفشلها، وعدم جدواها، خاصة في املدى الطويل. أشير إلى هذا، تعليقا على قول بعض املراقبني السياسيني إن: سوء األوضاع باملنطقة، وتفاقم حدة الخالفات الدولية اإلقليمية املتصاعدة، إضافة إلى استمرار ظاهرة اإلرهاب هــو بــمــثــا­بــة: إنـــــذار مــزلــزل «قـــد فــتــح بـــاب جـهـنـم الكبير» باملنطقة... ويبدو أنهم يقصدون أن: سوء وفساد كثير من األوضاع وتداعيات الخالفات الحادة، ونتائج هذا اإلرهاب قـد أدخـلـت املنطقة فـي فوضى مـدمـرة، وأنـفـاق مظلمة (أو جهنمية) ال سابق لها في عصرنا، بدليل فتح باب «كبير» لجحيم أرضي متوقع.

*** ويمكن القول إنه: طاملا أن هناك بابا «كبيرا» لجهنم الدنيا، فال بد أن تكون باملنطقة عـدة «أبــواب» أصغر، أو صغيرة لجهنم هــذه. وأعتقد أن كثيرا مـن هــذه األبـــواب (األصغر) قــد فتحت بـالـفـعـل، أو أوشــكــت أن تـفـتـح، فــي هــذه املنطقة الـبـائـسـ­ة املـسـكـيـ­نـة، حـتـى قـبـل أن يــقــدم املــتــطـ­ـرفــون، وغالة التشدد املجرمون على أفعالهم الشنعاء. فلإنصاف، يجب أن نذكر: أن هـؤالء ليسوا الوحيدين الذين يفكون مغاليق أبــواب جهنم الدنيا - كما أخــذوا يفعلون منذ عقود - في هــذه املنطقة، وغـيـرهـا... بـل هناك «فـاتـحـون» كثر آخرون. وما زالت هناك أبواب أخرى مغلقة، أو مواربة، وعلى وشك الفتح. إن بعض «أوضــاع» هـذه األمـة – ومـا هي عليه من أحوال – غالبا مـا تفتح عليها عـشـرات مـن أبــواب جحيم الدنيا، كبيرها وصغيرها... وهـا قـد كسرت بالفعل أقـفـال أبواب: التخبط، التخلف، الضعف، الظلم، الهوان، الفقر، الجهل، عدم االستقرار... إلخ. كما أن أعـداء هذه األمـة، والطامعني فيها، يفتحون أبــواب: االستعمار واالستغالل واإلذالل والظلم... وغيرها، ويساهمون في إبقاء األبــواب الجهنمية األخرى مفتوحة، على مصارعها – مـا أمـكـن. وهـنـاك – كما يبدو – ما يشبه التحالف، بني الشيطانني الـذاتـي والخارجي... لفتح أكثر عدد ممكن من أبواب جحيم الدنيا، في هذا الجزء البائس من العالم... أو إبقائها مواربة، قابلة للفتح بسهولة، للحيلولة دون نهوض األمة، ووقوفها على قدميها، والعمل على بقائها مستضعفة، مشغولة بمعاناتها... حتى يسهل إخضاعها ألبالسة األرض وأساطني الشر.

*** ال يـجـب، بالطبع، أن يــالم «االسـتـعـم­ـار» و«الصهيونية» قبل تقريع (ولوم) ما يفعله بعض العرب ببالدهم وأمتهم – ســواء عــن جهل أو غــيــره. إن امـتـطـاء فـكـرة نبيلة معينة (كالوحدة العربية مثال) واتخاذها شعارا – كما يحصل في سورية مثال – ثم ارتكاب شتى فنون التجاوزات باسمها – وباسم حمايتها – ومصادرة الحريات، وعرقلة املساواة، وتعطيل العدالة، وإعــالء كلمة االستبداد، والقيام بتقديم الدعم (املباشر وغير املباشر) لجرائم بشعة، كلها أمـور ال يجب – وال يمكن – «الدفاع» عنها... فهي التي تفتح للشرور ألــــف بــــاب وبـــــــا­ب... وتــتــيــ­ح لـــأعـــد­اء ألــــف فــرصــة وفرصة، لتحقيق مآربهم املدمرة، في األرض العربية. إن أبــــواب الــشــر، وخــاصــة بـــاب عـــدم االســتــق­ــرار السياسي الصحيح، ستظل موجودة ما وجد بشر. واألفضل واملطلوب واملأمول أن تبقى مغلقة وال تكسر أقفالها، وأن يعمل دائما على ضمان إحكام غلقها، وعدم السماح بفتحها. إن الذين يفتحون أيا من هذه األبــواب إنما يقدمون على عمل جرم شنيع في حق ماليني الناس، ويدمرون ما عمر على مدى عقود، بل وقــرون، ويسهلون ألعـداء األمـة تحقيق أهدافهم السلبية في األرض العربية، بل ويرتكبون في حق اإلنسانية خطايا ال تغتفر. وليست هــذه نـظـرة متشائمة الــرؤيــة، قاتمة الــلــون، بقدر مـا هـي نظرة تشير الحتمال مـريـر، وربـمـا تحفز املعنيني لتداركه.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia