شراكة القرن.. «جالسنوست» جديدة في املنطقة

حققت السياسة الخارجية السعودية خالل األيام األربعة املاضية اختراقا إيجابيا على املستوى السياسي والدفاعي واالستثماري واالقتصادي في الشراكة اإلستراتيجية بني الرياض وموسكو، وتمثل هـذا االخـتـراق في الـدخـول في تحالفات استثمارية بالباليني من الــــدوالرات، إلـى جانب التوقيع على اتفاقيات عسكرية غير مسبوقة المتالك السعودية أحـدث املنظومات الدفاعية في العالم، بشراء نظام »400-سإ« الروسي للدفاع الجوي، وتزامن ذلك مع موافقة الخارجية األمريكية على صفقة لبيع نظام «ثاد» الدفاعي الصاروخي. ولم تقتصر نتائج الزيارة امللكية األولى لروسيا بعد عقود من الزمن على تعزيز جوانب الشراكة، بل ستساهم في إعادة التوازنات الجيوستراتيجية، وستكون بمثابة «جالسنوست» إعادة بناء املنطقة، وإيجاد حلول عادلة وشاملة لقضاياها وفق قرارات الشرعية الدولية، وفي الوقت نفسه التصدي للعدوانية اإليرانية ومنع تدخالتها في شؤون املنطقة، خصوصا أن الكرملني أصبح لديه الرؤية الكاملة لطبيعة الـدور اإليراني الطائفي بعد اطالعه على نصف الكوب املمتلئ من الجانب السعودي، فيما كان في املاضي مكتفيا باالطالع على النصف الفارغ من النظام اإليراني. زيـــارة خــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بـن عبدالعزيز إلــى روسـيـا دشنت نقلة نوعية في العالقات، وأرست األطر القانونية املعززة للشراكة املستقبلية، خدمة مصالح اململكة وأمن واستقرار املنطقة. لقد استكملت التوازنات الدولية املطلوبة لسياسة السعودية الخارجية بزيارة روسيا مع تعزيز العالقات السعودية مع دول الغرب، باعتبار أن روسيا شريك مهم في التوازن اإلقليمي في الشرق األوسط والعالم، وأن الشراكة معها من شأنها تعزيز موقع السعودية في املحيط العاملي، وتخفيف التوترات اإلقليمية وإيجاد حلول لقضايا املنطقة، ووضـع حد لتدخالت إيــران وهيمنتها على املنطقة، إذ من املؤكد أن تلعب روسيا دورا إيجابيا مختلفا في املرحلة القادمة حيال األزمة السورية وامللف اإليراني. ورغم أن ما قد يظهر للعلن أن السعودية وروسيا خصمان، لكن الحقائق والوقائع أثبتت أنهما ليسا كذلك على اإلطالق، وأن التوافق والتقارب والشراكة والتحالف هي التي تسود، خصوصا أن موسكو ترى في زيـارة امللك سلمان فرصة لفتح أبـواب املنطقة أمام روسيا، وتدرك أن الرياض هي «حـارس بوابة الشرق األوســط». واململكة تنتظر من روسيا تغييرا في مواقفها، وباألخص في سورية، ألن موسكو مدركة أن الرياض لن تتغاضى عن أي جريمة تم ارتكابها في حق الشعب السوري، لكن يبدو أن الدولتني أدركتا أن وقت تضميد جراح سورية قد حان، واختصار زمن املعاناة، والعمل سويا ضمن منظومة واحدة للم الشمل السوري وفق مبادئ جنيف. الكتابة عن نتائج الزيارة تحتاج لصفحات، ويمكن اختصارها في أن الزيارة نجحت في منع التدخالت، وإيجاد حلول للنزاعات، وإنشاء تحالفات استثمارية نفطية، وتوطني األسلحة في السعودية. السعودية وروسيا.. شراكة القرن.. إنها «جالسنوست» جديدة في املنطقة ملصلحة تحقيق األمن واالستقرار ولجم اإلرهاب ومنع نشر الفوضى والطائفية.

خادم الحرمين الشريفين خالل لقائه بوتين في الكرملين. (واس)