Okaz

املشاهير ليسوا مالئكة وال أنبياء

- منيرة المرشود

دائــمــا مــا أتــســاءل: ملـــاذا نـسـتـغـرب ونــثــور إن نستنكر عليه عادات إنسانية «كالخطأ»؟ أسمع أحيانا تساؤالت من البعض: كيف له أن يفعل ذلك بينما هو بهذه الشهرة؟ وكيف يقوم بهذا وهو مشهور؟ عــــذرا ولــكــن مــتــى كـــان املــشــهـ­ـور نــبــيــا، مــتــى كــانــت النزاهة؟ وكأننا بذلك نرغم املشاهير على أن يمثلوا علينا، وأن يوهمونا أنهم ال يرتكبون الخطايا، ملـاذا ال نتقبلهم كما هم ونقبل حقيقة أنهم بشر يصيبون ويخطئون؟ ملاذا نحرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم؟ نعتقد نحن أن املشهور البــد لـه أن يـكـون قــدوة والبــد أن يـكـون منزها من كل عيب، نجبره على الخروج أمامنا بصورة املثالي الكامل وكأننا نستمتع عندما يكذب علينا، نجعله يبرر لنا كل صغيرة وكبيرة وكأننا رأيــنــا مــشــهــو­را أخــطــأ، لم الــشــهــ­رة دلــيــال على أوصياء عليه، متى نستوعب أن املشهور مهما اشتهر سيظل إنسانا مرة يفعل األشياء بطريقة صحيحة ومرة بالطريقة الخطأ؟ ملــاذا ال نجعل املشاهير يعيشون كما يـريـدون ملــاذا نشكلهم كما نريد ونحثهم على التكلف والتصنع وعلى أن يكونوا باإلجبار قدواتنا؟ قبل مــدة شــاهــدت لــقــاء ألحــد املـشـاهـي­ـر، يسأله املــذيــع عــن فـعـل ارتكبه، وكأنه يحقق معه، ومسكني ذلـك املشهور أخـذ يبرر بتوتر، وكأنه وقع عقدا بعدم فعل أي شيء قد يعتبره املجتمع خاطئا، وكأنه وقع عقدا بأن ال يفعل إال ما يرضينا! نسمح للجميع أن يخطئ ماعدا من اشتهر، فحياته فجأة صارت ملكنا، يـرددون هذه العبارة كثيرا، «حياة املشهور ملك للجمهور»، لم تصبح حياته ملكا لكم؟ ما الذي فعله كي تكون حياته كذلك، ذنبه الوحيد أنه اشتهر، فهل نعاقبه على هــذا؟ وال تخبروني أن للشهرة ضريبة، فمن غير املمكن أن تكون الضريبة هي تجريده من طبيعته البشرية، وإرغامه على أن يفعل كل شيء بالطريقة الصحيحة وبالطريقة التي تعجبنا، وكأننا قد ولينا عليهم، نحاسبهم ونحدد مصائرهم حسب ما تهوى أنفسنا وحسب ما نؤمن به نحن، متناسني أن املشهور بشر مثلنا، فكما لنا قناعات لـه كذلك وجميعنا نخطئ، وربـمـا يكون هـو املحق ونحن من على خطأ.. فدع املشهور يخطئ كما تخطئ أنت مـادام ال يضرك، دعه يعش بشريته، فهو ليس نبيًا وال ملكًا، إنه مثلك ومثلي إنسان، وال تقدسه حتى ال تنصدم إن ارتكب بعض الخطايا، وال تلمه إن أخطأ، فأنت من اعتقد أنه معصوم عن الخطأ، ثم إن الله يغفر لكل بشر فمن أنت كي ال تغفر لشخص ألنه اشتهر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia