مجلس الشورى وتذمر املتذمرين!
منذ أن أسس مجلس الشورى في صورته الحديثة، وعالقته بالجمهور ليست كما يــجــب، بــل إنــهــا أســـوأ مــن هـــذا، فـهـي كما تظهر للناس، تبدو وكأن هناك ثأرا قديما بني العموم وأعــضــاء مجلس الــشــورى، حيث ال تسمع مــن الناس سوى النقد والتهكم باملجلس وأعضائه، بما ينم ليس عن عدم الرضا فحسب وإنما عن السخط والغضب! بعض الـنـاس يـبـررون مشاعرهم تلك بــأن املجلس ال يلبي احـتـيـاجـاتـهـم وال ينطق بألسنتهم، وأن أغلب أعــضــائــه ال يــقــومــون بــالــدور الـــذي يـتـوقـعـونـه منهم، فمعظمهم يعيشون في عالم خـاص بهم، بعيدين كل البعد عن أوسـاط الناس وتلمس احتياجاتهم، وأنهم لذلك فـقـدوا ثقتهم فـي املجلس، ولــم يـعـودوا يعولون عليه في شيء طاملا أنه بهذه الصورة غير الفاعلة. هذه الصورة غير السارة، املرسومة في أذهــان الناس عن مجلس الشورى وأعضائه تخفي وراءهــا قصورا فــي الــتــواصــل الـجـيـد مــا بــني أعــضــاء املـجـلـس وأفراد املجتمع، فاملجلس في حاجة إلى أن يقترب من الناس أكثر، وأن يوطد عالقته بهم، فهو أوال وأخيرا صوت الناس الناقل ملطالبهم واحتياجاتهم، وبقاؤه بعيدا عنهم ال يمكنه من القيام بهذا الدور كما يجب. وفـــي تــصــوري أن املــجــلــس فــي حــاجــة إلـــى أن يضع من ضمن برامج اللجان العاملة فيه، خططا لجوالت ميدانية في مختلف مناطق اململكة ومدنها وقراها، يقوم بها أعضاء كل لجنة ليلتقوا بالناس ويتواصلوا معهم عن قرب، في شكل لقاء ات مفتوحة تعقد في أماكن عامة يحضرها الجنسان، ويـجـري خاللها التعريف بأعمال املجلس عامة وتوضيح مهام لجانه وطبيعة عملها وحدود صالحياتها، حتى ال يرتفع كثيرا سقف تـوقـعـات الــنــاس مـنـهـا. وأن يـتـاح لـلـنـاس إدارة حوار صريح مع أعضاء اللجنة، سواء ملعرفة املزيد عن مهام أعضاء املجلس وصالحياتهم، أو ملناقشة ما يحملونه من أفكار ومقترحات وخطط يودون مناقشتها معهم. إن عقد مثل هذه اللقاءات بني أفـراد املجتمع وأعضاء اللجان املمثلة للمجلس، كفيلة بأن تنفض عن أعضاء املــجــلــس تـهـمـة الــعــزلــة والــبــعــد عــن الـــنـــاس، كــمــا أنها تجعل الـنـاس يـشـعـرون أنـهـم شـركـاء مـع األعــضــاء في إبـــــداء اآلراء وتــقــديــم املــقــتــرحــات والــتــنــاقــش حولها، إضافة إلـى أن هـذه اللقاءات تعد خير معني ألعضاء اللجان في املجلس على فهم أكبر الحتياجات الناس، عــلــى اخــتــالف طـبـقـاتـهـم وتــوجــهــاتــهــم ومستوياتهم العلمية والثقافية، فما أعرفه، وقد أكون مخطئة، هو أن اللجان في املجلس تقدم مقترحاتها لدراسة بعض املواضيع بناء على اجتهادات فردية من أعضائها، لكن هذه االجتهادات مهما حسنت، تظل محدودة في نطاق فكر ورؤية العضو الذي يقترحها، فهي ال يمكن أن تلم بكل مـا لــدى الـنـاس على اخـتـالف مناطقهم وفئاتهم وتنوعهم.