مكفوفون:تسلحنا بـ «البصيرة» وحاصرونا بـ «العوق البصري»
لم يحل عجزهم على اإلبصار دون بلوغهم أعلى مـراتـب التعليم ونيلهم شــهــادات البكالوريوس واملاجستير والـدكـتـوارة، متسلحني ببصيرتهم ومـــرتـــكـــزيـــن عـــلـــى عـــزائـــمـــهـــم الـــتـــي ربـــمـــا فاقت غيرهم من املبصرين في بناء أنفسهم وصناعة مستقبلهم، لكن خيبة أمـل أصابت بعضهم إزاء الــتــعــامــل مـعـهـم عــلــى نــحــو دون ذلـــك مــن بعض الجهات الحكومية وبعض أربــاب العمل، وروى عــدد مــن خـريـجـي الـجـامـعـات مــن «املـكـفـوفـني» لـ «عكاظ» معاناتهم جراء ما يرونه إقصاء غير مبرر لهم من ممارستهم دورهم كـ «معلمني» وقدرتهم على ذلك أسوة بغيرهم من األسوياء، إذ يعتقدون أن قرار منع تدريس املكفوفني في التعليم العام وحصر فرصهم في مجال العوق البصري، حرمهم الكثير من الفرص الوظيفية في «التعليم العام» الذي يعد أكبر املجاالت املستوعبة لتوظيف هذه الفئة في العقود املاضية، لكن معاناتهم زادت في الـسـنـوات األخــيــرة مــع منعهم مــن الـتـدريـس فيه وحصرهم في مجاالت محددة، ويرون أن تفضيل حملة بكالوريوس تربية خاصة من نفس املسار ومنحهم األولوية على املكفوفني جعلهم يفقدون األمل في أن يحظوا ببارقة أمل مع كل إعالن وظيفي، في ظل ما يصفونه بإجحاف الدليل التصنيفي لهم. يقول عبد الله الغامدي «كفيف»: أنا خـــريـــج مــنــذ 5 ســـنـــوات لـــم يخدمني ارتـــفـــاع نــقــاطــي بـــجـــدارة وفــقــدت فرص ترشيحي بسبب أولـويـة التوظيف في دليل التصنيف الصادر من وزارة التعليم، فاألولوية لخريجي بـكـالـوريـوس عــوق بـصـري علينا رغم أنــنــا ال نـسـتـطـيـع املــنــافــســة عــلــى تـخـصـص ثان، وال أعلم ما املانع من وزارة التعليم أن تتيح لنا املنافسة على وظائف املبصرين وكذلك مساواتنا في دليل التصنيف بخريجي بكالوريوس عوق بـصـري حتى تـتـاح الـفـرصـة لألفضل نقاطا في التوظيف مما يحسن الترشيح للكفاءات ملمارسة مهنة التعليم. وذكـــر الــغــامــدي انـــه سـبـق وأن عـمـل فــي مدرسة أهـــلـــيـــة لـــتـــدريـــس املـــبـــصـــريـــن وال يــــــرى عائقا يـــســـتـــدعـــي حــــرمــــانــــهــــم مـــــن املــــنــــافــــســــة مع إخوانهم املبصرين، "وكلنا أمل بعد أن أغـلـقـت األبــــواب فــي دعــم قضيتنا من والة األمـر، وحل مشكلتنا مع التعليم جذريا وكذلك األمـر باحتياج يعوض أبناءه ما تعرضوا له من ظلم". فيما يـقـول محمد الـطـويـرقـي وعــدنــا بعض املــعــنــيــني فـــي الـــــــوزارة بــتــعــديــل الـتـصـنـيـف لكن الخدمة املدنية أبلغتنا بأنه لم يردها أي تعديل مــمــا تــســبــب فـــي حــرمــانــنــا مـــن الــتــوظــيــف على االحتياج الشحيح البالغ 14 وظيفة فقط. وزاد «نحن املكفوفني تعطلت حياتنا وتجرعنا مرارة الحرمان والزمنا منازلنا منتظرين الفرج، وتــمــكــيــنــنــا مـــن الــعــمــل وخـــدمـــة وطــنــنــا الغالي واالعتماد على النفس دون إثقال كواهل ذوينا». أمــــــا حــــــــازم الــــصــــخــــري فــيــعــلــق بـــقـــولـــه " نحن املكفوفني ال نستطيع العمل فـي كـل مـجـال، فال العسكرية وال الصحة يمكننا العمل فيها وال حتى قيادة سيارات األجرة، كباقي العاطلني من أقراننا املبصرين، مما يتسبب لنا فـي ضغوط وإحـبـاط وأزمـــات نفسية كبيرة، أغلقت األبواب في وجوهنا". ونـاشـد الجهات املختصة النظر إلـى معاناتهم بـــاهـــتـــمـــام والـــعـــمـــل عـــلـــى إتــــاحــــة الـــفـــرصـــة لهم ملـزاولـة مهنة الـتـدريـس، كما كــان حــال نظرائهم فــي الــســنــوات املــاضــيــة، مـشـيـرا إلـــى أنــهــا املهنة الــوحــيــدة الــتــي يــجــيــدونــهــا، ويـسـتـطـيـعـون من خاللها خـدمـة دينهم ووطـنـهـم، وتـقـديـم رسالة سامية مـن خاللها، عبر تربية األجـيـال وغرس املفاهيم الـراقـيـة بينهم، معربني عـن ثقتهم في إنصافهم سريعا.