عودة العراق إلى تاريخه العربي
تــوج خــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بـن عبدالعزيز الــعــاقــات الـسـعـوديـة الـعـراقـيـة املتنامية بـعـد قطيعة طال أمدها بكلماته حني قـال «مـا يربطنا بالعراق ليس مجرد جـوار ومصالح، بل أخـوة ودم ومصير مشترك»، وتلك هي الحقيقة التي ينبغي أن تقف في وجه أي محاولة لتعكير صفو الـعـاقـة الـتـي ينبغي أن تـكـون بــني بلدين يشكل كل منهما عـمـقـا إسـتـراتـيـجـيـا لـلـوطـن الــعــربــي، ومـــن شـــأن أي قطيعة بينهما أن تشكل شرخا في كيان األمة العربية التي لم تكن محتاجة قط لوحدة الصف كما هي محتاجة إليه الــيــوم، فــي ظــل مــا يـتـهـددهـا مــن مـخـاطـر ويـحـيـط بـهـا من تـهـديـدات ليس أولـهـا اإلرهـــاب الــذي أوشــك أن يقضي على الــدولــة فـي الــعــراق، وسـعـى قبل ذلــك إلــى زعـزعـة االستقرار في اململكة، وليس آخرها الخطر اإليـرانـي الـذي بـات يمس سيادة العراق على أرضـه، وزج قبل ذلك بالعراق في حرب طويلة نالت كثيرا من مقدراته ودم أبنائه. وإذا كــانــت الــســيــاســة الــعــراقــيــة قـــد انــحــرفــت عـــن مسارها وابتعدت بالعراق تاريخا وشعبا عن محيطه العربي نتيجة الضطراب الرؤية الذي أحدثه الغزو األمريكي، وما أعقبه من تصاعد بعض النعرات والتوجهات الطائفية، وما تا ذلك مـن خطر مثلته داعــش والـقـاعـدة، إذا كــان ذلــك هـو مـا مس السياسة العراقية فقد آن للعراق، وقد أخذ يتعافى من محنة اإلرهــــاب وخــطــره ويستعيد وعــيــه، أن يستحضر تاريخه العظيم وثقافته العظيمة كذلك ويعود ثانية إلى حاضنته العربية، متخذا من اململكة بوابة لهذه العودة املباركة التي من شأنها أن تحمي العراق من أن يكون والية إيرانية، كما يحمي الـوطـن العربي مـن أن يفقد دولــة تشكل خـط دفاعه األول في مواجهة املد اإليراني القادم من الشرق.