Okaz

‪° WOðu{ …d¼Uþ »dF‬ «

-

لم يبرع قوم في ﻇلم أنفسهم.. ويتفنون في جلد ذاتهم، كما يفعل العرب. العرب عجز أعداؤهم وخصومهم من أن يهزموهم وجوديًا وثقافيًا.. وأن ينالوا من تاريخهم وحضارتهم، أو يصدوهم عن نشر رسالة اإلسـالم الخالدة بن بني البشر. لم يكن أمام أعداء العرب وخصومهم، سوى استهداف وعي بعض «األعراب» وضميرهم، ممن وصلوا إلى درجة اليأس والخذالن، ليرضوا بالعيﺶ أذالء.. منكسرين، غرباء عن قيم ثقافتهم، مفتونن بقشور وسطحية ثقافة أعداء قومهم، متنكرين ألصول العرب الحضارية العريقة وتاريخهم التليد. اليوم أخذنا نسمع اتهامات العرب باإلرهاب، وأن خطابهم الديني يحض على العنف، من بعض «األعراب»، بطريقة تفوق مزاعم أعداء العرب وخصومهم في اتهام ثقافة العرب ودينهم بالتحريض على العنف واحتراف اإلرهاب! كما أخذ بعض «األعراب» يروجون ألفكار ومواقف وسياسات أعداء العرب وخصومهم التاريخين، بدعوى االقتراب من «اﻵخر» وتفهم دعاواه في اغتصاب األرض.. واضطهاد البشر، واملساومة على املقدسات، وإن كان الثمن االعتراف والتعايﺶ وتطبيع العالقات مع نظام عنصري بغيض! كل ذلك بدعوى تحقيق «سالم» هو أقرب للسراب منه للحقيقة.. وأبعد من تحقيق األمن واالستقرار للمنطقة والعالم، منه من بعد الشمس عن األرض. األسـبـوع املاضي صـدر تقرير من اتحاد البرملانين الدولين يدين ممارسات إسرائيل في األراضي املحتلة ومن بينها اعتقال إسرائيل لنواب فلسطينين اختارهم الشعب الفلسطيني بـإرادتـه الـحـرة، كاشفًا إسرائيل ومـن يساندها فـي الـغـرب، عـن الـوجـه القبيح لديموقراطي­ة انتقائية، تـحـرم شـعـوب األرض األخـــرى مـن مـمـارسـة الديموقراط­ية الـحـقـة. قـــرارات عديدة صدرت من مؤتمرات دولية مشابهة ولقاءات أممية مماثلة، كان مصيرها النسيان واإللقاء بها في غياهب دور املحفوﻇات املظلمة. إسرائيل والغرب، استمرأوا هذه النهايات املأساوية لقرارات تعكس ضمير العالم ووجدانه. لكن ما حدث يوم األربعاء املاضي، في ختام فعاليات مؤتمر اتحاد البرملانين الدولي، أخرج نهاية غير تقليدية لجلساته، سيظل يذكرها التاريخ، كونها صرخة لتذكير العالم بأن ضمير اإلنسانية ووجدانها لم يموتا بعد.. وأن الحق له صوت أمضى من الرصاص، وأحد من رعونة القوة الغاشمة.. وأن الباطل يظل زهوقًا جبانًا رعديدًا، لقيام الساعة. لقد انبرى رئيس البرملان الكويتي طالبًا كلمة في أقل من دقيقة عبر بها عن ضمير العالم ووجدانه، مما أثار موجة تصفيق حاد من معظم الوفود. في تلك الكلمة املرتجلة لم يسحب مرزوق الغانم شرعية وجود الوفد اإلسرائيلي في املؤتمر، بــل سـحـب شـرعـيـة وجـــود إسـرائـيـل نفسها كـكـيـان عـنـصـري يــمــارس إرهـــاب الــدولــة املنظم.. مغتصب لــألرض.. قاتل لألطفال، لم ولن ينتمي ملجتمعات العالم املتحضرة ودولـه املحبة للسالم... وأشار لرئيس الوفد اإلسرائيلي وأعضائه بأن يغادروا القاعة؛ ألنه ال وجود لهم بن نواب شعوب األرض الحرة. ما كان لرئيس الوفد اإلسرائيلي وأعضائه إال أن حملوا حقائبهم صاغرين، مغادرين القاعة، في ذل وانكسار، يعكسان الجﱭ املتأصل في هذا الكيان العنصري البغيض. امللفت ليست موجة التصفيق الـحـاد التي استمرت مـن أول كلمة رئيس الـبـرملـا­ن الكويتي وحتى نهايتها، إلـى أن خـرج املندوب اإلسرائيلي صاغرًا ذليال من القاعة. بل ذلـك الشعور بالخجل والحرج، ربما لم يكن ملحوﻇًا، الذي ﻇهر على رئيس وفد البرملان اإليطالي، الذي أخفى وجهه بكفيه... وكأنه يهمس من تحت الطاولة ليقول للمندوب اإلسرائيلي الجالس إلى يساره: أخرج لقد فضحتنا... حتى ال يزداد األمر سوءًا. ال إسرائيل وال الغرب يمتلك من قوة الحجة وفصاحة الخطاب، ليرد على ما حدث.. من إهانة إلسرائيل وإحــراج للغرب، في أقـل من دقيقة في محفل دولــي يمثل نــواب شعوب األرض، ال أثناء الواقعة، وال حتى بعدها. املحزن املبكي، مما يبعث على الرثاء واالشمئزاز، أن بعض من يطلقون على أنفسهم «الليبرالين العرب» و«دعـاة السالم»، مع إسرائيل.. واملحسوبن على العرب اسمًا وربما لسانًا، وليس ثقافة وال أصالة وقيمًا، انبروا يتسابقون في وسائل التواصل االجتماعي وكتابة املقاالت، لينالوا من تاريخية ورمزية، بل وحقيقة، ما حصل إلسرائيل وداعميها في الغرب، من إهانة كبرى وفضيحة مدوية، جراء كلمة ألقيت، في أقل من دقيقة، في محفل دولي ونقلت على الهواء مباشرة، شاهدها العالم بأسره. هؤالء «املستعربون» من األعــراب، ٍتنافسواٍ في الدفاع عن إسرائيل.. وتدافعوا إلنقاذ سمعتها العفنة، واالجتهاد في استرضاء رخيص لها، ولم يسعفهم سوى كلمة قالها مفكر عربي، بعد إخراجها من سياقها التاريخي، ومضمونها النقدي: واصفًا العرب بأنهم ﻇاهرة صوتية! فــات هــؤالء الـقـوم مـن «املستعربن الــعــرب»، بــأن الكلمة، عندما تصدح بالحق منافحة عن قضايا مصيرية عادلة، هي في الحقيقة أمضى.. وأقل تكلفة.. وأوقع أثرًا من استخدام القوة الـغـاشـمـ­ة، الـتـي بــدورهــا ال تستغني عــن الكلمة، لتفسير وتـبـريـر وإضــافــة مسحة أخالقية لحركتها الرعناء. كما أن الكلمة، تأتي بعد القوة مباشرة، في نصرة الحق ومقاومة الباطل والنهي عن منكر القول والسلوك، كما جاء في معنى الحديث الشريف. باإلضافة: الكلمة أكرم وأنجع وأبعد أثرًا، من السكوت الخانع الذليل، ما بالك إذا كان سكوتًا «شيطانيًا» عن باطٍل ومنكر وسلوك مشن، عونًا لظلم.. وسندًا لباطل.. وتبريرًا لفحﺶ، واستسالمًا لواقع مذل، بدعوى «الواقعية» و«البراغماتي­ة». إن مــﺂســي الــعــرب ونـكـبـاتـ­هـم، لـيـسـت حــصــريــًا، بـفـعـل أعــدائــه­ــم وخــصــومـ­ـهــم... بــل فــي معظم حقيقتها، نتيجة لوجود وتنامي طابور خامس من «املستعربن األعراب» أدعياء «الثقافة» و«الليبرالية»، يعملون في الخفاء والعلن، بدون حياء.. ووازع من ضمير.. أو رادع من قيم، لخدمة أجندات أعداء العرب وخصومهم.

 ?? talalbanna­n@ icloud.com ?? د. ﻃﻼل ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻨﺎن
talalbanna­n@ icloud.com د. ﻃﻼل ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻨﺎن

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia