W uHD « sÝ bOŠuð
في االتفاقية الدولية لحقوق الطفل جاء تعريف الطفل بـأنـه (كــل مـن لـم يـتـجـاوز الثامنة عـشـرة مـن العمر). وقد تبنت هذا التحديد لسن الطفولة كل الدول التي وقعت على تلك االتفاقية، فصارت تسن أنظمتها التي تحفﻆ حقوق الطفل وتحدد كيفية التعامل معه، بما يتفق مع ذلك التحديد العاملي لسن الطفولة.
وألن املــمــلــكــة هـــي إحــــدى الـــــدول املــوقــعــة عــلــى تلك االتفاقية، فإنها اعتمدت ذلك التحديد الزمني ملرحلة الطفولة في جميع أنظمتها املدنية، كأنظمة النيابة العامة، ونظام حماية الطفل، ونظام منح الجنسية، ونظام العمل. أما في أنظمة القضاء الشرعية، فإنها ما زالت تعتمد البلوغ حدا النتهاء مرحلة الطفولة. وهــــذا االخـــتـــالف فـــي تــحــديــد ســـن الــطــفــولــة مـــا بن األنــظــمــة الــقــضــائــيــة واملــدنــيــة، تـنـتـج عــنــه إشكاالت كـثـيـرة تـتـرتـب عليها نـتـائـج خــطــيــرة، مـنـهـا حدوث تــعــارض بــن األحــكــام الـشـرعـيـة الـــصـــادرة بـحـق من هــم فــي الـثـامـن عـشـرة ومــا دون، ومــا هــو مــذكــور في أنظمة النيابة العامة ونظام حماية الطفل وغيرها من األنظمة املدنية، وهو ما يجعل اململكة تظهر أمام املجتمع الـدولـي، كما لو أنها غير جــادة فيما توقع عليه من اتفاقيات. إضــافــة إلـــى أن ربـــط انــتــهــاء ســن الـطـفـولـة بمرحلة الــبــلــوغ، فــيــه عـــدم عــدالــة فــي الــتــعــامــل مــع األطفال، فالصغار ال يصلون مرحلة البلوغ في سن موحدة، بعضهم يصلها في سن مبكرة جدا، وبعضهم يتأخر أكثر في بلوغها، وحـن تصدر األحـكـام وفقا ملعيار الــبــلــوغ، فــإن الـصـغـار الــذيــن وصــلــوا مـرحـلـة البلوغ مــبــكــرا قــد تــصــدر عـلـيـهـم أحــكــام أغــلــﻆ مــن األطفال اﻵخـريـن الـذيـن لـم يصلوا مرحلة الـبـلـوغ، حتى وإن كانوا أكبر سنا منهم. بعض الفتيات يصلن مرحلة البلوغ في سن العاشرة، وبـعـضـهـن يــتــأخــرن إلـــى الـــرابـــع عــشــرة أو الخامس عــشــرة، وكــذلــك الــذكــور، والـتـعـامـل مــع الـصـغـار على أنــهــم (راشــــــــدون) وهــــم ملـــا يـــزالـــوا فـــي ســـن صغيرة، فيه قسوة عليهم، فجميع الــدراســات الفسيولوجية والـــســـيـــكـــولـــوجـــيـــة تــشــيــر إلـــــى أن الـــنـــمـــو الجسدي واالنـفـعـالـي واإلدراكـــــي، ال يكتمل لــدى اإلنــســان قبل الثامنة عشرة، وهـي السن التي اختارتها املنظمات العاملية لتحديد سن الرشد لدى الفرد. إن هــذه القضية تحتاج أن تـطـرح على هيئة كبار العلماء لدراستها وإصدار فتوى تحدد سن الطفولة بـمـا يـتـفـق مــع ﻇـــروف الـعـصـر ومــعــايــيــره؛ فـفـي هذا الــــزمــــان ال يــعــد الــبــلــوغ مــعــيــارا لــلــنــضــج اإلدراكــــــي واملــعــرفــي، ومــن املصلحة إعـــادة الـنـظـر فــي املعايير التي تحدد انتهاء مرحلة الطفولة بالبلوغ، خاصة أن القرآن الكريم لم يحدد لبلوغ الرشد سنا معينة، وإنما تركها مفتوحة لتتوافق مع ما يسود في العرف العام للمجتمعات في كل زمان.