دور النشر العربية
حـيـنـمـا نــقــارن بــن دور الـنـشـر الـعـربـيـة ودور النشر الغربية نـصـاب بخيبة كبيرة ككتاب عــرب، فالكاتب األجنبي يستطيع أن يكتفي بـمـردود كتبه املــادي وال يبحث عـن وظـيـفـة، فــدور النشر عندهم تشتري فكرة الكتاب قبل تأليفه وتدفع مقابل تفريغ الكاتب للتأليف وتـــوظـــف لـــه مـــحـــررًا خــبــيــرًا يـــســـاعـــده عــلــى الترتيب والتنسيق وجمع املراجع والتدقيق ومراجعة كل فصل بمجرد االنتهاء من كتابته. أمـا في عاملنا العربي فالناشر لكي يستمر في العمل عليه أن يكسب دخله مـن مــال املـؤلـف أو أنــه سيفلس؛ ألن عــدد الـطـبـعـة الــواحــدة لـكـل كــتــاب ال تـتـجـاوز ألف نسخة وغـالـبـا ال تــبــاع؛ ألن املــواطــن الـعـربـي مشغول برغيف يومه وقوته عياله وكتبهم املدرسية ويعتبر شــراء كـتـاب بـدافـع ثقافي تـرفـا. فـا تغركم دور النشر التي تكتب على الكتب أنها الطبعة العاشرة أو الطبعة األربعون هذا كذب صريح بدافع التسويق ال أكثر. هذا من جهة ومن جهة أخرى تتم قرصنة عشرات الكتب التي تاقي رواجا فيحرم الناشر من دخلها؛ ألن الناس تحصل عليها مجانا عبر اإلنـتـرنـت وهــذه القرصنة أيضا تضر بصناعة السينما واملوسيقى وغيرها من الفنون، ويجب على الحكومات أن تسن القوانن التي تجرم القرصنة اإللكترونية كي تحافظ على صناعة النشر وغيرها من الصناعات. بالنسبة لي كنت أشترط الحصول على عدد من النسخ لكتبي وأتـــنـــازل عــن املــقــابــل املــــادي، الـــذي أعــلــم أنـــه ال يتجاوز مئات قليلة من الــدوالرات في أفضل األحوال. بينما بعض الكتاب السعودين يبيعون نسخهم على وكــالــة الــشــؤون الـثـقـافـيـة بـمـبـالـغ ضـخـمـة رغـــم رداءة بعض هذه الكتب. وتقوم الوكالة بتوزيعها مجانا في املحافل واملناسبات الثقافية. أما تكاليف النشر لدى دار نشر محترمة وذات توزيع جيد وتسافر لكثير مـن مـعـارض الكتب العربية فهي تكاليف كبيرة تصل فـي املـتـوسـط لسبعة آالف ريال. ويــزداد املبلغ إذا طلبت من دار النشر أن ترشح عملك الـروائـي مثا لجائزة البوكر. لـذا تجد املؤلف يتنازل عن الربح القليل القريب مقابل فرصة في دخول سباق على هذه الجوائز. الجميع خاسر املؤلف ودور النشر والقارئ. في ظني ال يوجد سبيل لحل هذه املعضلة بعيدا عن دعم الحكومات العربية.