Okaz

ما أغناك عن ذلك العقد يا دكتور حمزة

-

أتفق مع الصديق الدكتور حمزة قبالن املزيني في تسمية العقد الـــذي توقعه الـجـامـعـ­ات الـسـعـودي­ـة، أو جامعة امللك سعود كما حدد الدكتور املزيني، عقدا مهينا أو عقد إذعان، غير أنــي أعتقد أن مـا جــرأ الـجـامـعـ­ات، أو جامعة الرياض على إبــرام ذلـك العقد إنما هـو تهافت مـن يبلغ مـن أساتذة الجامعات سـن التقاعد على التمسك بالعمل فـي الجامعة حتى وإن استشعر أن الجامعة في غنى عنه، وهـو ما يقع فيه أساتذة عجزوا طوال السنوات التي قضوها في التعليم الجامعي عـن تكوين قـاعـدة مـن املتابعني لهم املستفيدين من جهودهم العلمية، فلم يكن لهم طوال هذه السنوات من متابعني سوى تالميذهم في الجامعات الذين تلقوا دروسهم عنهم سواء أرادوا ذلك أو لم يريدوه واستفادوا منهم أو لم يستفيدوا، إن ما يحمل بعض أساتذة الجامعات على القبول بـمـثـل ذلـــك الـعـقـد املــهــني، كـمـا عــنــون الــدكــتـ­ـور حــمــزة مقاله املنشور يـوم أمـس في «عـكـاظ»، أو عقد اإلذعــان كما وصفه في ثنايا املـقـال، إنما هو الخوف من الصمت املطبق الذي يلف ما تبقى من حياة أولئك األساتذة بعد أن عاشوا حقبة من الزمن لم تكن أصواتهم تخفت في قاعة من قاعات الدرس إال لتعلو في قاعة أخرى وال صوت لهم خارج تلك القاعات. العقد مهني دون شك، مهني في إجراء ات اتخاذه ومهني فيما يمنحه لألستاذ الجامعي من حقوق، وهو عقد يكشف عن سوء تقدير الجامعات لجهود أساتذتها بل وملدى حاجتها إلى أولئك األساتذة كذلك، وهو األمر الذي ال ينبغي لألساتذة الحقيقيني أن يربأوا بأنفسهم عن القبول به فحسب وإنما أن ال يناقشوا أو يفاوضوا من وضعه، فضال عن أن يطمعوا في تفهمه وتقديره وإعــادة النظر في صيغته، ذلـك أنـه من الواضح تماما أن العقلية التي وضعت مثل ذلك العقد عقلية غير قابلة للتفاهم أو اإلصالح. والدكتور حمزة املزيني أستاذ يكاد يكون أشهر من جامعته التي كان يتولى التدريس فيها، وإذا كانت دراساته اللغوية املـتـخـصـ­صـة وتــرجــمـ­ـاتــه الــرصــيـ­ـنــة عــن الــفــكــ­ر املــعــاص­ــر قد ســاهــمــ­ت فــي تــطــويــ­ر الـــــدرس الــلــغــ­وي الــحــديـ­ـث وخــلــقــ­ت له تالميذ ال تحدهم جامعة وال يقفون عند حــدود بـلـد، فإن مقاالته في الشأن العام كانت ضربا من النضال الذي ساهم في بلورة الفكر الحر في بالدنا، وإذا كان ثمة خاسر من وراء التعسف في التعاقد مع أمثاله من األساتذة الكبار فإنما هو الجامعة، أما الرابحون فهم هذه الشريحة الكبيرة من القراء واملتابعني الـذيـن ال تعرف تلك الجامعة أنهم هـم التالمذة الحقيقيون الذين يعرفون قدر أساتذتهم ويدركون أن سن الستني لم يزدهم إال نضجا وعلما.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia