ﺃﻓﻴﺎﺀ وزارة للعلوم والتقنية
مــــن املــــالحــــظــــات الـــعـــامـــة عـــلـــى الثقافة العربية، أن أغلب البالد العربية تصرف جـــــل اهـــتـــمـــامـــهـــا إلــــــى األدب كتأسيس النوادي األدبية وانتشارها في جميع املناطق، وإقامة املؤتمرات األدبـيـة في كل مكان، وتخصيص عشرات الـجـوائـز لـلـروايـة والقصة والـشـعـر، لكنها فـي الوقت نفسه تهمل إعــطــاء اهـتـمـام مـمـاثـل أو أكــبــر، للبحث العلمي والتقني، فليس هـنـاك انـتـشـار مماثل لنواد علمية أو تقنية، وليس هناك تعدد كبير للمؤتمرات املعنية بالعلوم والتقنية، وال ازدهــار لجوائز تمنح في هذين املجالني كما هو الحال في األدب. ومـــا يــزيــد األمـــر ســـوءا فــي إهــمــال الـعـنـايـة بالعلوم والـتـقـنـيـة، أن أغـلـب الـــدول الـعـربـيـة بـاتـت هــذه األيام منشغلة بمشكالت أمنية وسياسية وقتالية، تنهكها اقــتــصــاديــا وتــقــصــيــهــا عـــن الــتــفــكــيــر فـــي التخطيط والعمل مـن أجــل التطوير والتنمية العلمية بما في ذلك التأسيس لنهضة علمية وتقنية. وهذا التقصير العربي امللحوظ في االعتناء بالتنمية الـعـلـمـيـة والــتــقــنــيــة يـنـعـكـس أثــــره سـلـبـا عــلــى الدول الـعـربـيـة، فـهـو يجعل الــدولــة دائــمــا عـالـة عـلـى الدول املتقدمة في سد ما ينقصها في هذين املجالني، كما يضطرها غالبا إلــى إنـفـاق أمــوال كثيرة لتتمكن من توفير ما تحتاج إليه منها. لقد بات من املسلمات التي ال خالف حولها، أن عوامل الــعــزة والــســيــادة والـرفـاهـيـة فــي أيـامـنـا هـــذه، ترتبط بــدرجــة ضـلـوع الــدولــة فــي مـجـالـي الـعـلـوم والتقنية، فـــهـــذان املـــجـــاالن أصــبــحــا يــمــثــالن عــصــب االقتصاد للمجتمعات، وعنصرا جوهريا في تقدمها العسكري والصحي واألمني، ومتى ازدهرا في مجتمع انعكس أثر ازدهارهما على حياة الناس رقيا ورفاهية وسموا وسالما. وبما أننا اليوم نخطو في ضوء رؤية تنموية عالية، تجعل من أهدافها دعم العلوم والتقنية، فإن املؤشرات التنموية فـي هــذا الجانب تؤكد حاجة املجتمع إلى وجــــود وزارة أو هــيــئــة عــلــيــا تــتــولــى اإلشــــــراف على التنمية العلمية والتقنية في بالدنا، بحيث تؤسس حـــاضـــنـــات عــلــمــيــة وتــقــنــيــة تـــدفـــع بــعــجــلــة البحوث والتطبيقات العلمية والتقنية إلـى مزيد من الحركة واإلنــتــاج، وهــو مـا يتماشى مـع أهـــداف رؤيــة اململكة 2030 التي تتضمن التأكيد على توطني الصناعات الـعـسـكـريـة وتـنـمـيـة الــخــدمــات املــســانــدة، ورفـــع نسبة الــــصــــادرات غــيــر الــنــفــطــيــة، وذلــــك كــلــه ال يـتـحـقـق إال بتوجيه اهتمام مضاعف نحو دعـم الحركة العلمية والتقنية في البالد.