منور من ورق
أعـــــوام وتــنــظــيــم الــحــمــديــن فـــي الـــدوحـــة يغذي ويحتضن فكرًا وأيديولوجية وتوجها مغايرا للنسق الــعــام لـجـيـرانـه وأشــقــائــه، ظـنـًا مـنـه أنه قادر على تغيير الخارطة الخليجية والعربية. أعــوام وهـو يبني ويخطط ويحلم ويتبنى أفـكـارًا في خياله حول تكوين إمبراطورية قطر العظمى وهدم كل من حوله من دول ومجتمعات، منطلقًا من عقدة الضآلة التي يعاني منها. ونسي هذا النظام أو تناسى أن الدوافع املرضية والجنونية ال تبني سوى دول وإمبراطوريات من ورق، يكفي إلسقاطها مجرد حـروف بسيطة على مواقع التواصل االجتماعي، كما هــو حــاصــل اآلن فــي «تــويــتــر»، إن أزمـــة نــظــام الـحـمـديـن في اعتقادي لم ترتكز على أية خالفات حول طموحاته السياسية، فهي ال تخفى على كل ذي لب، فالجميع يعلم يقينًا أنهما كانا ومـــازاال معذبني بطموحاتهما تمامًا كـأنـصـاف املوهوبني، لكن الخالف دار حينما فاض الكيل من محاوالت هذا النظام املتكررة في تصدير رؤيته املرضية إلى مجتمعاتنا، الخالف كــان ومــا زال حــول حالة الفصام النفسي الــذي يعاني منها تنظيم الـحـمـديـن، الـلـذيـن ال يخجالن مــن تغيير وجوههما ومواقفهما كتغيير مالبسهما، ومن الجوانب اإليجابية التي ال يمكن إغفالها، أن كشفت هذه األزمة عن مجتمع يمثل فيه الشباب في مملكتنا الغالية تحت سن الثالثني عامًا نحو 70 في املئة من مكوناته العمرية، هذه الفئة من الشباب السعودي أثـبـتـت امـتـالكـهـا أدوات قــــادرة عـلـى (الــقــصــف فــي منتصف الجبهة) - كما هو التعبير الدارج- لكل من يريد باململكة سوءًا أو يضمر لها شرًا. جــيــل ســـعـــودي جــديــد بــــات يــمــثــل حــائــط الــصــد األول لكل ضـربـات األعـــداء اإلعـالمـيـة املـوجـهـة ضـد اململكة، ربـمـا مثل الـــصـــوت الـــعـــالـــي فــيــه شــــاب ســـعـــودي هـــو مــعــالــي األستاذ سـعـود الـقـحـطـانـي، هــذا الــشــاب الـــذي أوجـــد صفحة جديدة باسمه فـي كتاب السياسة الـدولـيـة، لنجاحه عبر حــروف ال تتجاوز املئة وأربعني حرفًا في تعرية وإسقاط وكشف أبواق تنظيم الحمدين العدائية، ومخططهم في استهداف اململكة واستهداف رمـوزهـا وقيادتها، وإفـشـال محاوالتهم الضالة واملــضــلــة لـخـلـق صــــورة ذهــنــيــة كــاذبــة عــن مـجـتـمـعـنـا وعن بلدنا على مدى سنني، نتج عنها حملة شعبية ساهمت في توعية املواطن البسيط املنشغل بهمومه املعاشية وكالطالب في مدرسته واألم في منزلها واملجتمع بأسره على اختالف طبقاته ومشاربه وثقافاته عن خطر هذا التنظيم على أمن بــلــده وأمــنــه الـشـخـصـي ومـسـتـقـبـلـه، وهــدمــت هـــذه الحروف قصور الوهم والخيال التي بنوها على مدى سنني في ثالثة أشهر فقط، حيث غاب عن هذه األبواق أنهم سقطوا في ملعب شباب اململكة املعروفني بأنهم من أكثر الشباب العربي، بل العاملي شغفًا وحـضـورًا فـي موقع (تـويـتـر)، فلقنوا مرتزقة تنظيم الـحـمـديـن دروســـًا وأســقــطــوا بــني ليلة وضـحـاهـا كل نمورهم الورقية في مواقع التواصل االجتماعي فأضحوا كأوراق الخريف يتساقطون من أعني الناس واحدًا تلو اآلخر، وهـــم الــتــي أنــفــقــت قــطــر عــلــى صـنـاعـتـهـم وتـلـمـيـعـهـم الوقت والجهد ومئات املاليني، إن لم يكن أكثر على مدى عقدين من الــزمــان، وقـدمـت لهم كـل الـدعـم املــادي واللوجستي املطلوب لنشر حالة الفوضى والفنت في مجتمعنا. ربـمـا أخــذ الـبـعـض عـلـى أســلــوب الحملة مــن حــدة وقـــوة في العبارة أحيانًا فـي ردودهــم أو تغريداتهم على حساباتهم فـي (تـويـتـر)، لكن للحقيقة فــإن هــذه األدوات ربـمـا كنت أنا شخصيًا مــن أشــد املــؤيــديــن لـهـا (فــي هــذا الــحــالــة)، بــل إنها هي املطلوبة في مواجهة حرب قـذرة مثل تلك التي يقودها هـؤالء املرتزقة ضد اململكة، فالقفازات يجب أن تتناسب مع حــمــالت ينطلق فيها اآلخـــر مــن مستنقعات آســنــة وكهوف ظالمية يطلق فيها سهام غــدره دون مراعاة أليـة مبادئ أو قيم، فإن ظنت النخب وهم كثر في مجتمعنا ولله الحمد أن ثمة تجاوزا في مثل هـذه الــردود، فيقينًا غـاب عنهم أن لكل مقام مقال، وأن مثل هـذه الحملة أخيرًا ال تخاطبهم فهم ال يخفاهم ذلك طوال العشرين سنة املاضية من خالل مصادرهم وتحليالتهم وقراءاتهم الشخصية لواقع املنطقة، بل تخاطب فئة عمرية مـن الـشـبـاب تشكل الغالبية العظمى فـي بلدي، كشفت هذه الحملة الشعبية لهم بلغة يفهمونها ومن منصة أصبحت جزءا من يومياتهم عداوة تنظيم الحمدين لهم وما يـضـمـرونـه مــن شــر مستطير لبلدهم ومستقبلهم وأنــهــم ال يقيمون وزنًا لنا وال حتى لصمتنا وصبرنا طوال 20 عامًا على تجاوزاتهم وكذبهم، فــإذا ما كـان الـقـرآن الكريم وصف حاملي العلم بال فهم بالحمير، فكيف لنا أن نواجه كل من يريد بوطننا سوءًا بقصد وإصرار وترصد. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا) ولله املثل األعلى الذي جعل أداة موسى عليه الـسـالم فـي مواجهة سحرة فرعون من نفس سالح هؤالء السحرة، فرمى موسى عصاه فلقفت ما صنعوا، وتحققت الحكمة في ذكـر املواجهة في القرآن الكريم وهي القيمة التي استمد منها املشرعون في العالم أجـمـع قانونهم القائم على أن (الــجــزاء مـن جنس العمل)، لــذلــك فـمـواجـهـة خــاليــا عــزمــي ومــرتــزقــة تنظيم الحمدين البــد وأن تكون مـن سياق هجماتهم، فهناك خصم شريف (تحترمه) وخصم آخر خارج هذه الدائرة، وخاصة ونحن هنا ندافع عن بلد فضلها الله على غيرها من البالد هي أمانة في أعناقنا، وأمانة خصنا الله بها عن باقي خلقه، فجعل بيته األمني في قلوبنا وجغرافيتنا، ولم يخلق الله هــذه الجغرافية وخصنا وشـرفـنـا بها والــتــي ضمت بيته الحرام وشهدت مولد نبيه عليه الصالة والسالم وجعلها مبعث رسالته إلـى العالم أجمع عبثًا، لعل في الدوحة من يقرأ واألهم من أن يقرأ هو أن يفهم.