Okaz

األمير امللهم يسدل الستار على زمن «الغفوة»

-

على مر التاريخ وفي معظم الحضارات اإلنسانية هناك نبوء ات متكررة عن القائد «املخلص» الذي يخلص الشعب من املعاناة بعد اشتدادها ويجعل حياة الناس أفضل ومستقبلهم أجمل. اليوم وبعد خطاب سمو ولي العهد األمير محمد بن سلمان التاريخي في مبادرة مستقبل االستثمار يمكنني القول وبكل راحة ضمير إن هذا األمير امللهم «مخلص» من نوع خـاص، وقائد حالم قرر أن يضع وطنه في املكان الذي يستحقه عبر تحقيق أحالمه التي ال حدود لها. قـديـمـا قـيـل «االقــتــص­ــاد عـلـم كــل شـــيء» فــي إشـــارة إلــى أن وقـــود الحضارات للتغيير واالنطالق للمستقبل يبدأ من الفكرة االقتصادية ويندرج تحتها كل شيء بال استثناء، وفي الوضع العربي يعرف الجميع أن معوقات النجاح االقتصادي الكبرى تتمثل في العقول واألفكار قبل الثروات املادية، وسبق أن تطرقت لذلك في مقالة سابقة بعنوان «محمد بن سلمان وبلومبيرغ.. العقل ثروة سيادية»، تناولت فيها تصريحات سابقة لألمير امللهم تصب في ذات االتجاه. لدينا نحن السعوديني صخرة معيقة لكل تحرك باتجاه املستقبل، صخرة جثمت على صدورنا واقتصادنا طـوال 38 عاما بمسمى «الصحوة» وهي في الحقيقة «غفوة» حضارية وثقافية غير مسبوقة، تحدث عنها األمير قبل أن يسدل عليها الستار بكلمات غاية في البساطة والعمق انتظرها الناس عقودا. فـي كتابه «التخلف حالة ذهنية» يؤكد «لــورانــس هــاريــزو­ن» أن التحديث املؤدي لنهضة أي شعب على وجه هذا الكوكب مرتبط تماما بالحال الثقافية للشعب ذاته، ويضرب مثاال لذلك أن غانا كانت أكثر تقدما من كوريا الجنوبية في ستينات القرن املاضي، بينما تحتل كوريا الجنوبية اليوم مكانة مرموقة بني الدول املتقدمة، وتقبع غانا في قائمة الدول املتأخرة، كما أن مصر كانت أكثر تقدما من اليابان في أواخر القرن الـ91، ولكن اليابان اليوم أكثر تقدما من مصر في جميع عصورها. ويفسر «هاريزون» هذا بأن هناك قيما ثقافية تدعم التطوير، وأخرى سلبية تعوق التغيير، وهذا أيضا ما يؤكده املفكر الشهير «ماريو فارغاس»، إذ يرى أن اإلصالحات االقتصادية والتشريعية مع ضرورتها لتحديث أي دولة، ال يمكن تحقيقها ما لم يسبقها أو يصحبها إصالح حقيقي لألعراف والعادات واألفكار وكل املنظومة املعقدة من العادات واملعارف والتصورات والصور التي نفهمها حني نقول كلمة «ثقافة». األمير امللهم محمد بن سلمان وضع يده أخيرا على الجرح وقرر معالجته بكل شجاعة لتخليص البالد والعباد من «فيروس الصحوة»، وهو فيروس ال يموت إال بفرض التحديث فرضا عبر التغيير الجذري للبنية الثقافية، وهذا دور الحكومات ال الشعوب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia