Okaz

أبو السمح في ذمة الله

-

.. أخـــي الـحـبـيـب عـبـدالـلـ­ه عـبـدالـظـ­اهـر أبـــو السمح لست أدري أبكي عليك أم أبكي على أبـنـاء جيلنا، الذي فقد فضيلة التواصل مع أهله وذويه ومحبيه وال الهاتف الجوال ناهيك عن الزيارات التي كانت األجيال السابقة تحرص وباستمرار على القيام بها كحرصهم على ماء أعينهم. وأنكى من هذا وذاك أني عندما بلغت بنبأ وفاته من خالل «السناب شات» لم أجد تعليقًا أو كلمة عزاء أو مـواسـاة إال مـن ثــالث شخصيات فقط، مما زاد في أملي على هذا التجاهل ملثل هذه الفضيلة. ولـقـد كــان مـن غـرائـب الـصـدف أن يـدخـل املستشفى يوم األربعاء املاضي وهو في ذات اليوم الذي نومت فيه باملستشفى نفسه ولكنه لم يكن يعلم عني وال أنا أعلم به، فقد كان آخر اتصال هاتفي بيننا بعد اعتزاله الحياة االجتماعية من شهور، قـال لي في ختام املكاملة: «يا عبد الورد سأتخذ قرارًا من قرفي من الحياة املؤملة بكل ما فيها وذلك بقفل الهاتف، وال تنزعج أن تكون هـذه آخـر مكاملة هاتفية. قلت له: يا عزيزي وأنا اآلن مثلك رهني املحبسني (البيت واملستشفى)، أســأل الـلـه حسن الخاتمة. وقــد رحل هـــو إلــــى رحــمــة الــلــه وتــركــنـ­ـي أتـــجـــر­ع اآلالم حتى ألــقــاه هــو وأهــلــي وأصــدقــا­ئــي فــي يــوم ال مـفـر منه، كما قال تعالى: {قل ِإن املوت الذي تفرون منه فإنه مال ِقيكم}. وأتـــــرك هـــذا الــجــانـ­ـب املـــؤلــ­ـم ألتـــحـــ­دث عـــن الجانب العلمي والعملي والثقافي واألخـالق التي كان أبو السمح يرحمه الله يتحلى بها.. درس بـمـكـة املــكــرم­ــة، وحــصــل عـلـى املـاجـسـت­ـيـر في اإلعالم في جامعة القاهرة، وفي ما أعلم أن بداياته العملية أنه كان أول مدير ملحطة التلفزيون بجدة، ثم شغل منصب مدير عام اإلدارة املالية بوزارة اإلعالم، فمدير لوكالة األنباء السعودية، ومنها تقاعد من الوظائف الحكومية ويعود ليعمل موظفًا بالقطاع الخاص في شركات كبرى باملنطقة الشرقية، ليعود بـعـد ســنــوات إلـــى جـــدة لـيـشـغـل مـنـصـب مــديــر عام إدارة البنك الفرنسي لسنوات تقاعد بعدها، وتفرغ للمطالعة والكتابة. ولـلـتـاري­ـخ فــإن أبــا الـسـمـح – رحــمــه الــلــه – كــان من أفضل املثقفني في جيلنا، حيث كان على مبدأ ابن خلدون «أن يأخذ من علم بطرف»، ولكنه لم يكتف بذلك بل عمل على تنمية أفكاره بأكثر جوانب الفكر والثقافة الحديثة، وهـو بالفعل كما قـال عنه أخي الدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير «عكاظ» السابق: «بوفاة األخ والصديق األستاذ عبدالله أبو السمح تكون الصحافة السعودية فقدت قلمًا قويًا.. وصادقًا.. وواضحًا.. ومباشرًا.. في التعبير عن آرائه وقناعاته بشجاعة نادرة رغم مخالفة الكثيرين له فيها. لقد كان أبو السمح واقعيًا في طرح أفكاره والتعبير عـن مواقفه تجاه قضايا حيوية.. ســواء السياسي منها.. أو االجتماعي.. أو االقتصادي..». وأختم بالذي يشهد به جميع من أحبهم وأحبوه، منهم مـعـالـي الــدكــتـ­ـور نــاصــر الـسـلـوم وزيـــر النقل السابق، الذي قال لي مساء ثاني أيام العزاء ما أعرفه عنه: أنه كان مضيافًا كريمًا بحرصه على استقبال أصـدقـائـه، مساء يومًا بعد يــوم أو يومني للنقاش والــحــوا­ر واملـنـاقـ­رة مـع مـا تكلفه تلك الـلـقـاءا­ت من موائد العشاء الشهية. رحم الله األستاذ عبدالله أبو السمح وأسكنه الجنة وألـهـم أسـرتـه ومحبيه جميل الـعـزاء وإنــا لله وإنا إليه راجعون.

السطر األخير:

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia