بالدنا تتطهر من الفاسدين

الــفــســاد سـمـة شـــاذة إنـسـانـيـة ال يـخـلـو مـنـهـا مجتمع من املجتمعات فهو جـانـب مـن سـلـوك النفس البشرية، التي ألهمها الـلـه تعالى فجورها وتـقـواهـا وقــد أفـلـح مـن نأى بنفسه عن الفساد ومواطنه. وقد أرسل الله تعالى رسله إلصالح ما أفسده الناس على مستوى االعتقاد واألفـعـال، فكانوا جميعا مصلحني في أقوامهم، ومن ثم فإن اإلصالح ومقاومة الفساد من صفات الــرســل وقــد أفــلــح مــن اقــتــدى بـاألنـبـيـاء والــرســل والسلف الصالح. ويغيب عـن الكثيرين منا كثير مـن اآليــات الكريمة التي تنبئنا بـأن الله تعالى ال يحب املفسدين، بل حـد حدودا رادعــة ملن يسعون في األرض فسادا، حتى ال تسول ألحد نفسه بإفساد الكون الذي أمرنا الله بأعماره، وقد جاءت قرارات خادم الحرمني األخيرة بشأن تشكيل لجنة ملقاومة ومكافحة الـفـسـاد فـي إطــار التوجيهات الربانية والقيم اإلسالمية إلصـالح ما أفسده البعض منا، فتلك من أولى مــهــام ولـــي األمــــر، ولـــم تــمــِض ســاعــات فـيـصـل الــقــرار إلى حيز التنفيذ وانكشف املستور وتـهـاوى املفسدون الذين أهــدروا أمــوال الدولة، والذين تكسبوا من خالل مواقعهم ومناصبهم ومكانتهم، ففي كــل مؤسسة وهيئة سنجد الشرفاء األتقياء وهم كثرة وسنجد الشواذ الذين يستحلون املال العام، والذين ال يتورعون عن تلقي الرشاوى والهدايا إلتمام الصفقات وإنجاز األعمال حتى أصبحت الرشوة أمرا معتادا في كثير من الهيئات واملؤسسات وال يقل عن ذلــك فــي الـفـسـاد الــواســطــة واملـحـسـوبـيـة الـتـي تضيع بها حقوق الناس ويأخذ بها من ال يستحق حق من يستحق. أما هؤالء الذين برعوا في غسل األمـوال فقد ضل سعيهم وهــم يحسبون أنـهـم يحسنون صنعا، فـفـسـدوا وأفسدوا وأساؤوا إلى أوطانهم قبل أن يسيئوا إلى أنفسهم. لقد حانت لحظة الحساب الدنيوي، وتساقط املفسدون في البالد، وما أظن أن إنسانا ومواطنا شريفا عفيفا لم ينفعل بتشكيل هـذه اللجنة فقد كنا ننتظرها وإن كـان بعضنا قـد يئس واعتقد أن الفساد قـد أصبح السمة الغالبة في مجتمعنا. لكن املهمة مهمة مكافحة الفساد واملفسدين ليست مهمة اللجنة وحدها فعلى املواطن دور كبير، إذ على كل واحد منا أن يبلغ عن أي واقعة فساد تقع عينه عليها، وأناشد الـلـجـنـة أن تـجـعـل خــطــوط اتــصــال بـيـنـهـا وبـــني املواطن الــعــادي، وأن تضمن لــه سـريـة بـالغـه وتــوفــر لــه الحماية الــالزمــة، فـوجـوه الـفـسـاد عـديـدة واملـفـسـدون ينتمون إلى طبقة تفوق في نفوذها وسطوتها طبقة البسطاء. فـالـلـهـم طــهــر أنـفـسـنـا وبـــالدنـــا مــن الــفــســاد، وجـنـبـنـا شر املفسدين، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمني.