Okaz

ﻧﻮﺍﻝ ﺟﻤﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ.. ﻃﺒﻴﺒﺔ ﺑﺮﺗﺒﺔ »ﻣﻠﺤﻖ ﺛﻘﺎﻓﻲ«

-

ولــدت ونشأت في حــارة الشبيكة بمكة املكرمة، وكــان والدها يعمل مطوفا للحجاج اآلسيويني. وهي لئن أكملت دراستها االبتدائية واملتوسطة في مكة، فإن دراستها الثانوية كانت في القاهرة التي انتقلت إليها مع عائلتها. وقبل أن تتخرج من الثانوية العامة كانت فكرة دراسة الطب ودخول التاريخ كأول طبيبة سعودية قد اختمرت في رأسها، بدليل أنها في سن الـ71 بـدأت في جمع املعلومات عن كليات طبية مخصصة للنساء إلى أن استقر رأيها على الدراسة في باكستان. تــقــول الــدكــتـ­ـورة نــــوال الــتــي تــعــزو نـجـاحـهـا فــي اإلفـــــا­ت من اعتراضات إخوتها، إلى وقوف والدها في صفها، إن رحلتها العلمية بــدأت باالتصال بالسفارة الباكستاني­ة فـي القاهرة لجمع املعلومات حول السفر واإلقامة واملعيشة في بلد غريب تــبــدد عـلـى يــد املــرحــو­م الـشـيـخ «مـحـمـد الشبيلي» الـــذي كان وقتها سفيرا للرياض في كراتشي. إذ قام األخير باستقبالها مع والدها، وإنهاء إجراء ات وصولها، واستضافتها في منزله، وتقديمها ألسـرتـه، ناهيك عن أخذها في جولة تعريفية عن الدراسة في باكستان وما بها من معاهد وجامعات، والسيما الهــور التي بها كلية طب مخصصة للبنات فقط، «وهــذا ما جعل أشقائي وعائلتي ال يتحدثون بشيء ألنها مدينة طبية للفتيات فـقـط.. أوصلني والـــدي إلــى الجامعة وتـمـت مقابلة العميد، وتم إرسالي إلى سكن الطالبات حيث مكث الوالد معي عـدة أيــام، وبعدها غــادر إلـى مصر وتركني إلكمال دراستي». وتـواصـل الدكتورة نــوال قصتها في حـوارهـا مع صحيفة مكة (مصدر سابق) فتخبرنا أنها سعت في عام 1961 أثناء دراستها في باكستان للحصول على بعثة دراسية من الحكومة السعودية إال أن األخيرة رفضت، معللة رفضها بمنع األنظمة إعطاء ابتعاث خارجي للفتيات. وعليه لم يكن أمامها، للتغلب على تكاليف املعيشة والــدراسـ­ـة واملــواصـ­ـات، وتلقي دروس خـاصـة فـي اللغة اإلنجليزية، سـوى البحث عن جهة توفر لها منحة دراسـيـة. فوجدت مبتغاها لدى منظمة الصحة العاملية التي ذهبت شخصيا إلــى مكتبها فـي كراتشي ووقعت لديها على أوراق وتعهدات بإكمال تعليمها في الصحة، فتم على إثر ذلك صرف مكافآت دراسية لها. بعد ست سنوات من الدراسة واالجتهاد والتغلب على عوائق شتى تخرجت جمل الليل، حاملة درجة البكالوريو­س في الطب. وبينما هي تستعد للعودة إلى مصر لانضمام إلى عائلتها فإذا بمكاملة هاتفية تأتيها مــن امللحق الثقافي فــي الـسـفـارة الـسـعـودي­ـة بكراتشي األستاذ إبراهيم القدهي املحمد يطلب فيها أن تقابله ألمر مهم. لم يكن هذا األمر املـهـم ســوى إباغها بــأن املـلـك فيصل قـد اخـتـارهـا لتكون مشرفة على الطالبات السعوديات اللواتي سوف يتم ابتعاثهن على نفقة الدولة لدراسة الطب في باكستان. وفي هذا السياق تقول الدكتورة نوال إنها رفضت العرض في بادئ األمر ألنها كانت تريد السفر إلى بريطانيا إلكمال تعليمها العالي، «لكن مع إصرارهم بأن أكون املشرفة على الطالبات وافقت حينها، لرغبة امللك فيصل في ابتعاث الفتيات، حيث كان معظم الفتيات إما تعلمن خارج اململكة أو تخرجن من مدارس خاصة». طلب منها وزير املعارف السعودي آنذاك الشيخ «حسن بن عبدالله آل الشيخ» أن تعد خطة ملعالجة جميع األمور التي قد تواجه املبتعثات وذلك من وحي خبرتها وما واجهته شخصيا من مصاعب. فقدمت توصيات بأن تخضع املبتعاث لسنة تحضيرية يتعلمن خالها بعض العلوم التطبيقية واللغتني اإلنجليزية والباكستان­ية، وأن يتم توظيف مترجمني يرافقونهن، وطباخني يعدون لهن الوجبات العربية، عــاوة على تهيئة السكن واملــواصـ­ـات. كما تضمنت توصياتها فتح مكتب مؤثث في مدينة الهور للرد على جميع استفسارات املبتعثات ومساعدتهن في الحاالت الطارئة. تخبرنا الدكتورة نوال أنها بدأت بعدة مبتعثات، لكن بعد مرور ثاث سنوات، وهي على وشك ترك العمل للعودة إلى مكة املكرمة، كانت تحت إدارتها 60 طالبة. بعد عودتها إلى مكة قدمت أوراقها إلى وزارة الصحة وتم تعيينها في مستشفى النساء والوالدة، حيث تمت مضايقتها من قبل األطباء الذكور، رغم اجتهادها والتزامها بالتعاليم ومواظبتها على مواعيد عملها، بل قالت ما مفاده إنه عند تقديم أي تظلم أو شكوى إلدارة املستشفى كـانـوا يخيرونها مـا بني قبول الحال أو االستقالة بحجة أنها طبيبة ليست لديها شهادة تخصص تمنحها الحرية في أداء العمل. كانت نتيجة ما سبق أن الدكتورة نوال لم تتحمل التمييز واملضايقات بحقها فقدمت استقالتها ولجأت إلى وزارة التعليم العالي باحثة عن وظيفة لديها، فوضعت على رأس قسم اإلدارة الطبية في جامعة أم القرى، لكنها لم تشعر بالراحة في هذه الوظيفة كما قالت ألن «عملي جراحة وليس صرف أدويـة فقط، إضافة إلى أن إدارة الجامعة لم تكن متعاونة في تزويدنا باألجهزة الطبية الازمة». وهكذا عملت الدكتورة نوال في تلك الوظيفة الجامعية مضطرة ملـدة ثماني سنوات إلـى أن وجــدت فرصة للعودة إلى وزارة الصحة طبيبة بمستشفى الـــوالدة واألطــفــ­ال بمكة، ثم تقاعدت في عام .2000

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia