Okaz

ﺻّﺪﻳﻘﺔ ﻛﻤﺎﻝ.. ﺃﺳﺴﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻜﻮﺍﺩﺭ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ

-

الدكتورة صديقة كمال، اسم المع في تاريخ الطب النسائي بالسعودية، بل تتنافس مع الدكتورة نـوال جمل الليل في لقب «أول طبيبة سعودية تلتحق بالعمل في وزارة الصحة». واملفارقة أن كلتيهما من منطقة مكة املكرمة ومن خريجات باكستان، بل إن كلتيهما تخرجتا في سن مبكرة متقاربة. كتبت عنها صحيفة االقتصادية السعودية ،)2007/7/27( مشيرة إلـى أنها تنحدر من أســرة جداوية عـرفت بانخراط أفرادها في الطب، ابتداء من جدها الذي كان متخصصا في مداوة الناس بالطب الشعبي، ووالدها الذي كان طبيبا عاما، ووالـدتـهـ­ا التي كانت صيدالنية، وانـتـهـاء بإخوتها الذين درسوا ومارسوا الطب أيضا. ويمكن القول إن نشأتها ضمن هـكـذا أســـرة كـانـت ذات تأثير واضـــح عليها لجهة الطريق الـذي سلكته بعد تخرجها من الثانوية العامة. إذ اختارت باكستان مكانا لدراسة طب األسنان، فتخرجت وهي في سن الـ12. وعلى إثر تخرجها في منتصف الستينات عادت إلى وطنها والتحقت بوزارة الصحة السعودية، مبتدئة عملها األول بمستشفى امللك في حي الكندرة بجدة. غير أنه أثناء عملها في هذا املستشفى كانت تنتدب للعمل في مستشفى الوالدة للمساعدة في عاج الحاالت النسائية بسبب تفضيل النساء السعوديات تلقي العاج من طبيبة بدال من طبيب تحت تأثير العادات االجتماعية. في 1968 كانت صديقة قد اكتسبت خبرة معتبرة في معالجة حــــاالت الــتــولـ­ـيــد، فـاسـتـقـر بــهــا الــحــال فــي مـسـتـشـفـ­ى الــــوالد­ة «طـبـيـب عــــام»، وكــانــت تـنـتـدب أثــنــاء هـــذه الــفــتــ­رة مــن حياتها للعمل في مستوصفات الحكومة الطبية بجدة مثل مستوصفي «الـنـزلـة» و«الــهــنــ­داويــة». تخبرنا صديقة فـي حــوار أجـرتـه معها صحيفة الـحـيـاة )1998/10/10( أنـهـا عملت فــي وزارة الصحة السعودية ملدة 11 عاما ابتعثت خالها إلى أيرلندا للتخصص في أمـراض النساء والــوالدة، وأنها بعد تغير صفتها من طبيب عام إلى طبيب اختصاصي في أمراض النساء والوالدة قررت فتح عيادة طبية خاصة بها في جدة، خصوصا أنها كانت آنذاك قد اكتسبت خبرة عملية معطوفة على سمعة جيدة لـدى نساء سعوديات كثر ممن كن يثقن بها وبـقـدراتـ­هـا، بدليل قدومهن مـن مناطق بعيدة لاستشفاء والــعــاج على يدها. في تلك العيادة عملت الدكتورة صديقة ملدة ست سنوات متواصلة تعالج نساء جدة ومكة والطائف وغيرها من املدن، لكنها شعرت أن إمكانيات العيادة قليلة وضعيفة ملواجهة قوائم االنتظار واملواعيد الطويلة، التي كان بعضها يطول إلى أشهر. ومن هنا تحديدا تولدت لديها فكرة. فراحت بالتزامن مع عملها اليومي في عيادتها تحلم وتعد وتؤسس منذ العام 1976 ملشروع كبير هو األول من نوعه في اململكة والعالم، معتمدة على خبرتها الطويلة في املستشفيات واملستوصفا­ت الحكومية، وما رأته فيها من تكدس لنساء بلدها باملئات واآلالف طلبا للعاج على يد طبيبة بدال من طبيب. كانت فكرة مشروعها، هي بناء مستشفى نسائي متكامل يضم أقساما متنوعة، وتقدم خدمات طبية أساسية وأخرى مساندة، وتدار بالكامل من قبل النساء سواء في مجال العاج والتمريض والعناية أو في مجال اإلدارة واملحاسبة واالستقبال وخدمات النظافة والرعاية. درســت صديقة مشروعها بدقة من كافة الجوانب املادية والبشرية والتسهيات الخدمية املساندة والضوابط الشرعية، وملا تيقنت من جدواه االقتصادية بدأت بتنفيذه. وهكذا اكتمل املشروع وتم افتتاحه رسميا في مطلع 1983 لينمو بعد ذلك بخطى متصاعدة. إذ شهد املشروع في السنوات التالية إضافة أقسام وخدمات جديدة وإحضار أجهزة طبية متقدمة تكنولوجيا. فعلى سبيل املثال فطنت الدكتورة صديقة في عام 1985 إلى ضـرورة افتتاح قسم خاص بالعقم يحتوي على وحدتني إحداهما ألطفال األنابيب واألخرى للتلقيح الصناعي، بل رحلت بنفسها إلى بريطانيا للتخصص فـي هــذا املـجـال واالطـــاع شخصيا على األبـحـاث الحديثة ذات الصلة من البروفيسور «باتريك ستربتو» املعروف بريادته في مجال أطفال األنـابـيـ­ب. عــاوة على ذلــك، قامت الـدكـتـور­ة صديقة فـي عقد الثمانينات بالعمل في األقسام الخاصة بعاج العقم وأطفال األنابيب في العيادات واملستشفيا­ت اللندنية الـشـهـيـر­ة، وكــان مـن نـتـاج ذلــك حصولها على زمالة الجامعة الدولية ألمراض النساء والعقم من الواليات األمريكية املـتـحـدة لتصبح أول طبيبة سـعـوديـة متخصصة وعـامـلـة فــي هذا الحقل. وألن املشروع الذي قادته صديقة غير مسبوق، فقد عرضت تجربتها في العديد من املؤتمرات الطبية الخارجية في الواليات املتحدة وبريطانيا واليونان ومصر، كما قامت بالحديث عنه في محاضرات وندوات طبية في جدة ومكة والرياض. ونختتم حديثنا عنها باإلشارة إلى أن للدكتورة صديقة ابنة سارت على خطاها وورثت مهنتها، هي الدكتورة فوزية كمال الباشا التي تعد ضمن الطبيبات السعوديات املتخصصات في أمراض النساء والوالدة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia