Okaz

آمال بدر الدين.. أول مبتعثة سعودية في النمسا

-

ولدت الدكتورة آمال بدر الدين في مكة لعائلة كان ربها يعمل مطوفا للحجاج، األمــــر الــــذي جـعـلـه شخصية منفتحة ومـتـسـامـ­حـة وتــهــوى الـــقـــر­اءة واالطــــا­ع واالختاط بمختلف الجنسيات دون حساسية. أما والدتها التي تزوجها األب في سن صغيرة فقد تأثرت بزوجها كثيرا لجهة التسامح واالنفتاح، وهذا انعكس بدوره على ابنتهما آمال التي كانت ضمن سبع فتيات مكاويات صغيرات تقدمن المتحان أول شهادة ابتدائية للبنات تم تنظيمه في مكة املكرمة في منتصف الخمسينات تقريبا. نجحت آمال في االمتحان ونالت شهادتها االبتدائية، ومن حسن حظها أن إخوتها كانوا في طريقهم آنـذاك إلى القاهرة للدراسة فسافرت معهم إلكمال تعليمها املتوسط والثانوي هناك. في القاهرة، التي كانت تعيش أزهى عصورها وقت وصول آمال إليها في الستينات، لم تكن الحياة سهلة لفتاة يتيمة األب، عديمة التجربة لجهة العيش خارج وطنها، لكنها بالعزيمة واإلصرار على خوض غمار الحياة وتحديات املعيشة تمكنت من إنهاء مراحل تعليمها ما قبل الجامعي. تخبرنا الدكتورة آمــال في حــوار أجرته معها صحيفة مكة في عددها ليوم ،)2014/2/9( أن والدها اعتاد أن يختار لكل مولود يأتيه، ليس االسم فقط، وإنما املهنة املستقبلية أيضا. وتضيف أن نصيبها كان مهنة الطب. وتنفيذا ألمنية والدها قررت أن تلتحق بالجامعة لدراسة الطب. فكانت سنتها الجامعية األولــى في كلية طب األزهــر، التي انتقلت منها في سنتها الجامعية الثانية إلى جامعة القاهرة. أما سنتها الجامعية الثالثة وما بعدها فقد درستها في العاصمة النمساوية فيينا حيث كان يدرس أخوها، وكان رحيلها عن القاهرة قبيل اندالع حرب حزيران .1967 في فيينا كان عليها أن تتعلم الاتينية واألملانية قبل أن تشرع في مواصلة دراسة الطب، فقبلت التحدي، وفيها أيضا كانت الطالبة السعودية الوحيدة بني 100 طالب سعودي، وبالتالي كان عليها أن تكون أختا لهم، تعد لهم املوائد في األعياد واملناسبات الخاصة كي تشعرهم بأجواء األسرة. ومــن رحــم هــذه األجــــوا­ء نـشـأت عـاقـة ود واسـتـلـطـ­اف بينها وبــني أحــد الطلبة السعوديني املبتعثني، ولم يمض وقت طويل حتى كانت أسرة الطالب تحضر إلى فيينا لخطبتها. وهكذا تم زواجها في دار امللحقية الثقافية السعودية بفيينا، وخال مرحلة ما تبقى من دراستها هناك أنجبت ابنتيها. ثم كان عليها العودة إلى الوطن لخدمته مع بداية السبعينات. في تلك الفترة لم يكن في الرياض إال «مستشفى امللك عبدالعزيز الجامعي» و«مستشفى الشميسي»، فطلب منها مدير املستشفى األول أن تعيد سنة كاملة من التدريب، قبل أن يوظفها براتب شهري قــدره 2000 ريــال فقط. وعــن هــذا املنعطف العملي مـن حياتها قالت الدكتورة آمال إنها عملت بالفعل في مستشفى امللك عبدالعزيز الجامعي ملدة سنة، كانت خالها تتنقل ما بني أقسام: الباطنة والجراحة والعيون. ثم جاء ها الدكتور زهير السباعي ونقلها إلى قسم طب األسرة واملجتمع، قبل أن يتم تعيينها معيدة في جامعة امللك سعود في العام الدراسي ،82/81 حيث قامت بتدريس أول دفعة طب من الطالبات السعوديات (كانت مكونة من 22 طالبة) إلى أن تخرجن جميعا. بعد مشوارها في العمل األكاديمي انتقلت الدكتورة آمال إلى قسم األطفال بمستشفى الشميسي بناء على رغبتها من أجل أن تتخصص في طب األطفال. وهناك عملت وانخرطت مع أول مجموعة دراسية ساعية لنيل دبلوم طب األطفال في السعودية. آمنت د. آمال بأن الطب ليس مجرد كشف ووصفة دواء، وإنما هو الوصول إلى قلب املريض ونيل ثقته من خال الجلوس مع املرضى من األطفال وأمهاتهم وبث الوعي والتثقيف الصحي فيهم. غير أنها شعرت أن اتباع مثل هذا األسلوب مع كل مريض على حدة يتطلب وقتا طويا، فيما قائمة املرضى طويلة. ومن هنا، وبعدما تخرجت الدفعتان األولـى والثانية من طالبات الطب وصار بإمكانهن العمل في مستشفيات الدولة، رأت الدكتورة آمال أن الوقت قد حان لتفتح عيادتها الخاصة التي تتيح لها ممارسة طب األطفال بالطريقة التي تؤمن بها. وهكذا خططت أن تكون عيادتها عبارة عن مركز متكامل للعاج الطبيعي يخدم الطفل وأمه، بحيث يجدان فيه صالة رياضية وصالة ألعاب وبركة سباحة وحمامات ساونا وجاكوزي. لم تكتف الدكتورة آمال بذلك، فحرصها على التثقيف الصحي قادها إلى أشياء أخرى مثل تأليف كتاب في عام 1996 بعنوان «الرعاية املثالية لصحة الطفل»، وتقديم برامج صحية متلفزة موزعة على ثاث مجموعات، مدة كل مجموعة عشر ساعات مرئية. وبسبب رغبتها في تقديم املزيد من البرامج الصحية لخدمة مجتمعها، لم تجد أمامها بدا من تأسيس شركة إنتاج خاصة إلنتاج برامج التثقيف الصحي. ومن خال هذه الشركة دخلت تاريخ وطنها في أكتوبر 2008 كــأول امــرأة سعودية ترشح نفسها لعضوية مجلس إدارة غرفة تجارة الرياض.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia