Okaz

األخالق احلميدة من املنظور اإلسالمي

- makarembat­terjee@

تبقى األخـــالق اإلسـالمـي­ـة مــن النعم الكبيرة والـجـزيـل­ـة الـتـي أكرمنا بها هذا الدين العظيم وجعلها مسلكا وممسكا لكل مسلم على سطح املعمورة، فـإن لألخالق أهمية بالغة ملا لها من تأثير كبير في حياة األفراد والجماعات واألمم، ولهذا فقد حفل القرآن الكريم بها واعتنى بها أيما عناية، فقد بينت سـور الـقـرآن الكريم وآيـاتـه أسـس األخالق ومكارمها، وكذلك اعتنت السنة النبوية باألخالق واملعامالت عناية فاقت كل التصورات، وعد بعض العادين أن وجود 20 ألفا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، و04 ألفا في األخالق واملعامالت، دليل على عناية السنة باألخالق كعناية القرآن الكريم بها. ولألخالق أهمية بالغة باعتبارها من أفضل العلوم وأشرفها وأعالها قـــدرًا، لـذلـك نـجـد بـعـض الـعـلـمـا­ء عـنـدمـا يـتـحـدث عــن بـيـان قيمة علم األخالق بالنسبة إلى العلوم األخرى يقول بعضهم: إنه إكليل العلوم جميعًا، ومنهم من يقول: إنه تاج العلوم، ومنهم من يقول: إنه زبدة العلوم. ذلك أن العلوم األخرى تساعد أساسًا على األخالق في الكشف عن النافع والضار، والخير والشر وهما موضوع األخالق، فتعتبر تلك العلوم وسائل معينة لتحقيق هذا العلم. كما أن علم األخالق يستخدم العلوم األخرى في الكشف عن مهمته وتحقيق أهدافه. وال شـك أن سـلـوك الـسـلـوك األخــالقـ­ـي دلـيـل على مـا فـي نفس اإلنسان من خير، وصالح أخالقه دليل على صالح سريرته والعكس صحيح، فسلوك اإلنــســا­ن مـوافـق ملـا هـو مستقر فـي نفسه مـن مـعـان وصفات، يقول اإلمـام الغزالي «فإن كل صفة تظهر في القلب يظهر أثرها على الجوارح ال تتحرك إال على وفقها ال محالة». و إن هـدف األخــالق تحقيق السعادة في الحياة الفردية والجماعية. ذلــك أن الـحـيـاة األخــالقـ­ـيــة هــي الـحـيـاة الـخـيـرة الـبـعـيـد­ة عــن الشرور بجميع أنواعها وصورها، فإذا انتشرت األخالق انتشر الخير واألمن واألمـــان الــفــردي والـجـمـاع­ـي، ولـهـذا قــال أحــد األخـالقـي­ـني الفرنسيني: إن الحياة مـن غير قيم – وإن كـانـت حـلـوة على الشفاه – فإنها مرة على القلوب والنفوس وكذلك إنها وسيلة لنجاح اإلنسان في الحياة: فـاإلنـسـا­ن الـشـريـر املـعـتـدي على أمـــوال الـنـاس وأنفسهم وأعراضهم، اليمكن أن يكون محبوبًا بني الناس، فال يثقون به، وال يتعاملون معه، ثم إن الغشاش البد أن ينكشف يومًا من األيام فيظهر غشه وخداعه، إن عاجال أو آجال، يخبرنا التاريخ أن سقوط كثير من األمم والحضارات كان بسبب انهيار األخالق كما قرر ذلك ابن خلدون وغيره، وسئل أحد وزراء اليابان مـا سـر تقدم اليابان هــذا التقدم ؟ فقال الــوزيــر: «السر يرجع إلى تربيتنا األخالقية..» «ولهذا كان النهج السديد في إصالح الــنــاس وتـقـويـم سلوكهم وتيسير سـبـل الـحـيـاة الطيبة لـهـم أن يبدأ املصلحون بإصالح النفوس وتزكيتها وغــرس معاني األخالق الجيدة فيها».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia