كود احلجر.. أين كود البشر ؟

قـــرأت فــي «عــكــاظ» رد وزارة الــشــؤون الـبـلـديـة والــقــرويــة عـلـى مــا خطه الزميل الكاتب خالد السليمان عن سوء بناء البيوت في مقاله بعنوان «شيخوخة مبانينا» قول الوزارة نصا: بأن كود البناء السعودي يضمن جــودة وسالمة املباني واملنشآت، هـذا الضمان جعلني أغــار على كود بناء البشر وأستفسر: أين كود بناء البشر؟ كـود بناء البشر بحكم املثل أو الحكمة التي تقول: «العقل السليم في الجسم السليم»، فمن يضع كود بناء العقل في البشر هو وزير التعليم وكــود بـنـاء الجسم فـي البشر هـو وزيــر الـصـحـة، يعتصمان سـويـا في تصميم ووضـــع كــود بـنـاء الـبـشـر، شقيقتنا جـمـهـوريـة مـصـر العربية أعلنت في عام م2007 أنه تم وضع معايير تصميمية جديدة لتطبيقها وااللتزام بها في املستشفيات الحكومية والخاصة كافة، التي تقام في املستقبل وكــذلــك الـتـي يتم تطويرها وتحديثها بـالـتـعـاون مــع وزارة اإلسكان يقوم املركز القومي لبحوث اإلسكان بإعداد الدراسات والكودات واملواصفات الالزمة للتشييد وتحقيق معايير األمن والسالمة، أهمية رفـع كفاءة الخدمات الطبية وتوفيرها لكافة املواطنني طبقا ملعايير الجودة العاملية. إن املعايير تعطي األســـس واملــواصــفــات الفنية الــواجــب تـوافـرهـا في تصميم املنشأة الطبية يتم إصـداره على متطلبات التصميم املعماري لكل املكونات الرئيسية والخدمات املساندة الطبية للمستشفيات العامة الخاصة للحفاظ على األمن واألمـان ومنع انتقال العدوى في املنشآت الصحية ومعايير تصميم نظم البناء والشبكات الهندسية فـي كافة املنشآت الطبية، األموال التي ترصد لتطوير املدارس والجامعات يجب أن تهدف في املقام األول لتطوير وتوفير الكفاءات البشرية في مختلف مؤسسات الدولة، وقبل تطوير مدرسة لتصبح بناية مناسبة بإمكانية عالية البد من تدريب املدرسني والعاملني القائمني على هذه املدارس. طاملا ألقى مسمى مدرسته بلقب «إنترناشونال» فهذا ال يعطي الحق لـلـمـدرسـة عـلـى اخـتـيـار مــن تــريــد فــي قـبـولـه للتعليم مــن أطـفـالـنـا ذوي املـسـتـوى الـــذي ال يتطلب املـجـهـود الـعـالـي مــن مـدرسـيـه لتعليم أطفال املدرسة وقد يذهب إلى مطلب أعلى من ذلك فقد يختار من أطفالنا ممن هم متعلمون جاهزون ال يحتاجون للتعليم في مدرسته، هل هذه هي التنمية والتطور في بناء البشر قبل الحجر أم هذه املدرسة حجر جاهز لبشر جاهز. وهذا األسلوب موجود لدى كل املدارس التي تعطي نفسها لـقـب «إنــتــرنــاشــونــال» مــن منطلق مــقــدار األقــســاط املــدرســيــة ولــيــس من منطلق شطارة املدرسني في التعليم، البد أن نتوقف أمام ظاهرة الفتة، تتمثل في شيوع العديد من مظاهر الحداثة الشكلية التي تتجلي في أساليب وطرز املدارس والجامعات واملعاهد ذوي الخمسة نجوم، املقلدة عن النمط الغربي. ويمكننا اليوم أن نتأمل واقعا ممتلئا بالتناقضات نتيجة تضحية مسار التنمية البشرية لصالح تنمية الحجر، عبر شواهد ال تـحـصـى، بــدال مــن تـأسـيـس أكـاديـمـيـات متخصصة ومــــدارس شأنها تنمية البشر قبل الحجر. كما نرى التسابق إلنشاء الجامعات واملعاهد الخاصة، قبل أن نسعى لتطوير املستوي التعليمي واألكاديمي باملدارس وبالجامعات الوطنية املهملة، الـتـي تـحـول أغلبها إلــى االهـتـمـام فقط بمنح الشهادات وإقامة الحفالت لتوزيع تلك الشهادات الزائفة، تسعى كــل الفلسفات والـنـظـم إلــى بـنـاء اإلنــســان أو املــواطــن الـصـالـح باعتباره محور البناء ومرتكز أي إنجاز حضاري حسب رؤيتها للوجود وبما يتفق والقيمة العليا التي تتبوأ رأس الهرم لديها، فهي وإن اختلفت في الـرؤيـة أو املنهج تتفق على أن بناء اإلنـسـان هو جوهر بناء الحضارة ذاتها. وجب علينا وضع كود بناء البشر قبل الحجر.

للتواصل (فاكس )6721108