املواجهة التشريعية جلرمية غسل األموال
إن الــتــطــور الـــذي شــهــده الـعـصـر الــحــديــث فــي املجاالت التقنية، واملصرفية، سهل حياة الناس وتعامالتهم املـالـيـة، ولكنه فـي الـوقـت ذاتـــه، سـاعـد فـي ظهور بــعــض الــجــرائــم؛ كـجـريـمـة غــســل األمــــــوال التي يـسـعـى مـرتـكـبـوهـا الســتــغــالل الــتــطــور التقني واملـــصـــرفـــي، فـــي تــمــريــر جــريــمــتــهــم. مــمــا حتم على السلطات مواجهة هــذه الجريمة على كل األصعدة، وعلى رأسها الصعيد القانوني؛ وذلك بإقرار األنظمة والقوانني التي تكافح هذه الجريمة، ولسان حالهم كما قال الخليفة عمر بن عبدالعزيز: «تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور». وتبعًا لذلك استحدثت العديد من الدول واملنظمات الدولية أنظمة وقوانني واتفاقيات دولية خاصة بمواجهة هذه الجريمة، ولم يكن وطننا الغالي، بمنأى عن هذا التوجه العاملي، بل إن اململكة بادرت بإصدار أول نظام خاص بمكافحة جريمة غسل األمــوال، وذلك في عــام 4241هـــــ، ثــم صــدر فــي عــام 3341هـــــ نــظــام ثـــان ملكافحة غسل األموال. وتوافقًا مع ما تمليه طبيعة هذه الجريمة، وتطور أساليب املجرمني في ارتكابها، وامتدادًا للرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية )2030( التي أطلقها ويرعاها ولي العهد األمير مـحـمـد بــن ســلــمــان، صـــدر فــي الــســعــوديــة نــظــام حديث ملكافحة جريمة غسل األموال، وذلك بموجب املرسوم امللكي الكريم رقم )20/م( وتأريخ .ـه1439/2/5 ومن يقارن بني النظامني السابقني، وبني هذا النظام الـجـديـد، يلمس بـوضـوح حجم الـتـطـور الــذي ناله النظام، ابتداء من الناحية الشكلية، إذ جاء النظام الــجــديــد مـرتـبـًا عـلـى عــشــرة فــصــول، يجمع كــل فصل أحـكـامـه، فــي سـبـك محكم دقــيــق، ومــــرورًا بحجم النظام الــذي يكاد يكون ضعف حجم النظام السابق من ناحية عدد املـواد، إذ بلغت مواد النظام الجديد )51( مادة، وانتهاء بالناحية املوضوعية، واألحكام، والعقوبات التي تميز بها هذا النظام؛ األمر الذي يؤكد أن حكومة اململكة لن تتوقف لحظة واحدة عن محاربة هـذه الجريمة، وأن مرتكبيها لن يفلتوا من العقاب مهما تطورت أساليبهم في ارتكابها.