Okaz

رد الصاع إليران

- خالد عباس طاشكندي @khalid_tashkndi

كــــــان أمــــــــ­رًا مـــثـــيـ­ــرًا لـــلـــده­ـــشـــة تـــعـــجـ­ــب بعض املــراقــ­بــني الــعــرب وتــســاؤا­لتــهــم عــبــر وسائل اإلعـــــا­لم حــــول أســـبـــا­ب الـتـصـعـي­ـد السعودي ضــد الـبـلـطـج­ـة اإليــرانـ­ـيــة فــي املـنـطـقـ­ة وفـــي هـــذا التوقيت؛ فاملسألة لـم تعد تحتمل أي تـأويـل منذ أمــد بعيد، بعد أن وطئت أقدام النظام اإليراني «خمس» عواصم عربية إحداها خليجية، وعاثوا فيها فسادًا وسعيًا لتخريب كل معالم دولة املـؤسـسـا­ت والــقــان­ــون والــوقــو­ف ضــد أي مظهر مــن مظاهر املدنية والتطور، وكان من آخر تداعيات التدخالت اإليرانية فــي شــــؤون دول املـنـطـقـ­ة ومــشــروع­ــهــا الــتــوسـ­ـعــي، استقالة رئيس وزراء لبنان خوفًا على حياته من مؤامرات حزب الله اإليــرانـ­ـي، ثــم تـالهـا سـقـوط صـــاروخ باليستي إيــرانــي على العاصمة الــريــاض، فهل يتوقع هــؤالء مـن السعودية أن ال تصعد وتتمسك بـ «حق الرد» والتصدي للمساعي اإليرانية الرامية لإخالل بأمننا الوطني؟! لقد دأبت الحكومة الثيوقراطي­ة في إيران منذ ثورة فبراير 1979 عــلــى تــصــديــ­ر الــفــوضـ­ـى لـلـمـنـطـ­قـة من خالل خلق شراكات إستراتيجية مع عصابات طائفية بـهـدف تحقيق تطلعاتها فــي اتساع رقــعــة نــفــوذهـ­ـا اإلقـلـيـم­ـي، مـعـتـمـدة عـلـى ثالث إستراتيجيا­ت أسـاسـيـة: «تسليح امليليشيات املناهضة لدولة املؤسسات والقانون، وإرهاب الــــــدو­ل والـــحـــ­كـــومـــا­ت، ونــشــر الــفــن الطائفية واملـــــذ­هـــــبـــ­ــيـــــة»، فـــنـــجـ­ــم عـــــن هـــــــذه السياسات التخريبية، نـشـوب حــرب الخليج األولـــى بني الـــعـــر­اق وإيـــــرا­ن عـــام ،1980 وتــفــاقـ­ـم الصراع خــالل فـتـرة الـحـرب األهـلـيـة فـي لبنان بتدخل الــحــرس الــثــوري عــام 1982 وتأسيسه لحزب الــلــه لـتـمـتـد الــخــالف­ــات فــي لــبــنــا­ن إلـــى يومنا هــــذا، وكــذلــك الــحــرب األهــلــي­ــة فــي أفغانستان ،1989 ودعـــم تأسيس حـركـة «الـشـبـاب املــؤمــن» فــي صعدة بـالـيـمـن عـــام 1992 واملــعــر­وفــة حــالــيــًا بـــ «أنـــصـــا­ر الــلــه» أو جماعة الحوثي ودعمها مباشرة في حربها ضد الحكومة اليمنية )2011-2004( وفـي اشتباك الحوثيني مع القوات السعودية فـي الحد الجنوبي ،2009 ودور إيـــران الدموي في الحرب األهلية السورية منذ ،2011 والحرب األهلية في العراق ،)2011( وأخيرا وليس آخرًا، الدعم اإليراني مليليشيا الحوثي واملساهمة في االنقالب على الحكومة الشرعية في اليمن 2015 وتقديم الدعم اللوجيستي للحوثيني بتهريب األسلحة والـصـواري­ـخ البالستية وإرســـال وكالئها لتدريب عناصر الحوثي على اسـتـخـدام هــذه األسلحة ضـد أهداف مدنية. وبـــعـــد كــــل هـــــذا الـــتـــد­نـــيـــس لـــــألرا­ضـــــي الـــعـــر­بـــيـــة، لــــم تجد الشخصيات القيادية فـي نـظـام املـاللـي حـرجـًا مـن التبجح بـالـتـصـر­يـح علنًا حــول سيطرتها عـلـى عــدد مــن العواصم العربية، ففي 2015 قال حيدر مصلحي، وزير االستخبارا­ت اإليـرانـي السابق في حكومة نجاد، إن «إيــران تسيطر فعال على أربــع عـواصـم عربية»، مضيفًا أن «الـثـورة اإليـرانـي­ـة ال تـعـرف الــحــدود، وأن جماعة الحوثيني فـي اليمن هـي أحد نتاجات الثورة اإليرانية»، وفي ذات الفترة، قال نائب قائد الــحــرس الــثــوري اإليــرانـ­ـي الــجــنــ­رال حـسـني ســالمــي، لوكالة مهر اإليرانية، إن «املسؤولني في إيران لم يكونوا يتوقعون هـــذا االنــتــش­ــار الــســريـ­ـع لــلــثــو­رة اإلســالمـ­ـيــة خــــارج الحدود لتمتد من الـعـراق إلـى سورية ولبنان وفلسطني والبحرين والــيــمـ­ـن وأفــغــان­ــســتــان»، فــي حــني اعـتـبـر مـسـتـشـار الرئيس اإليـرانـي لشؤون األقليات علي يونسي أن العراق «عاصمة إلمبراطوري­ة إيران الجديدة»، وفي ذات السياق، صرح نائب قائد فيلق القدس اللواء إسماعيل قائاني لوكالة «فارس» التابعة للحرس الثوري اإليـرانـي، قائال إن «إيــران مستمرة بـفـتـح بــلــدان املـنـطـقـ­ة وإنــهــا بـــدأت بسيطرتها عـلـى كــل من أفغانستان والـعـراق وسـوريـة وفلسطني، وتتقدم الـيـوم في نفوذها في بقية بلدان املنطقة». ال شك أن إيران دولة مارقة، ال تعترف باألنظمة والـــقـــ­وانـــني الـــدولــ­ـيـــة وال تــلــتــز­م باملعاهدات واملــواثـ­ـيــق وال تـحـتـرم ســيــادة الـــدول وال تأبه بمبادئ حسن الجوار وفقًا لألعراف واألنظمة الدولية، ولم ولن تجني أي دولة من الدول التي يتواجد النظام اإليراني على أراضيها، سواء بـشـكـل مــبــاشــ­ر أو بــالــوكـ­ـالــة، أي فــائــدة سوى الفن والخراب والدمار، ولن تتخلص السياسة اإليــرانـ­ـيــة مــن األيــديــ­ولــوجــيـ­ـات الـتـي تتبناها ومشاريعها التوسعية فـي املنطقة إال برادع عسكري، وهذا هو الواقع، حيث لم تجد معها سلسلة طـويـلـة مــن الـعـقـوبـ­ات الــدولــي­ــة، فمنذ حادثة اختطاف الرهائن األمريكيني عام 1979 والــواليـ­ـات املـتـحـدة تـفـرض على إيـــران عـقـوبـات اقتصادية متعددة لكبح نشاطها النووي املشبوه ودور الحرس الثوري في نشر أسلحة الدمار الشامل، وفي الفترة ما بني 2006 إلى ،2010 أصــدر مجلس األمــن الــدولــي 6 قـــرارات بحق إيران، من بينها القرار 1929 الذي يفرض منع إيران من املشاركة في األنشطة املتعلقة بالصواريخ البالستية وتشديد الحظر املفروض على هذه األسلحة، ومع ذلك ال تزال إيران ماضية قدما في انتهاكاتها وتهديدها لألمن والسلم العاملي. وأمام هذا الهجني من التبجح والبلطجة واالزدراء والحقد اإليـــران­ـــي، واالنــتــ­هــاكــات الــصــارخ­ــة لـــقـــرا­رات مـجـلـس األمن وخاصة القرار ،)2216( اقترب موعد دفع الثمن؛ إذ ال يعني أن اململكة وسياستها املتزنة في التعامل مع ملفات املنطقة املضطربة بحكمة وصبر أن يفهم بأنه ضعف، فأي عدوان مباشر أو غير مباشر سيقابله «حق الرد» دفاعًا عن أراضيها وشعبها ومصالحها وبما يكفل ردع املعتدي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia